وطرزت هذا الكتاب المستبدع بإدراك إحساني الذي فيه السحر الحلال أودع لسان: باسم مولانا السلطان الأسري، المحمود إلى بذله السير والمسرى القائم بسن الوفد وفرضه. المقول في ضيق الأزمة على متسع بذله؛ القائل لمن لم يقصد طلبات رغائبه بتوبيخه وعزله الجائر بما أمسكت به أعلام الأجواد والطود الأشم عن أولي السمع من الأطوار؛ زين الملوك بجماله وفخر السلاطين بأجماله وابن الملوك الأكابر الذين مدحهم من أنفس الذخائر أمير المسلمين المستنصر بالله أبي العباس أحمد ابن مولانا أمير المسلمين المستعين بالله أبي سالم إبراهيم ابن مولانا أمير المسلمين المنصور بالله أبي الحسن علي ابن مولانا أمير المسلمين السعيد بفضل الله أبي سعيد عثمان ابن مولانا أمير المؤمنين القائم بأمر الله أبي يوسف يعقوب ابن الأمير عبد الحق أيد الله سلطانه ومهد أوطانه. وجعلته إليه من أسنى الوسائل وأفضل ما يمدح الطالب السائل ليشفي بعطائه قلبي المخوف من بؤسه ليتهلل لي بنواله وجه الزمان بعد عيوسه، إذ لم يزل أيده الله يقعدني من مجلس إحسانه في أرفع المقاعد، ويدنيني منه دنواً صك مسامع الأقارب والأباعد ولم تزل منسلة على غمائم جوده، متوالية بركات جوده، مقبلاً على بوجه مجده الأصيل الذي كرم منه الأهمال مع التفصيل، فلذلك آمتدت في طلب رفده آمالي، وأكثرت الترداد إليه لما كان من أجل أعمالي ولم يقل في زمام إحسانه بمحو اتياني وإهمالي؛ وإن قال من أمر بالكف عن الترداد للطلبات بكثرة الإستعمال والتعداد، للمراجعة بأوبة الإستعراد.
إذا ما جنيت جنى نخلةٍ ... فلا تقربنّها إلى قابلِ
قلت لهذا الجاهل النازل من عدم الإدراك بأحط المجاهل، ألم تعلم أيها المتعبب أن الواو لا ترتب، وأن هذا يقال في حق من يقطب في أوجه الوفاء ويستتقل من يكثر الإعادة عليه في طلب الإرفاد، ويا للامة يذكر، وعلى البخل لا يحمد ولا يشكر.
وأما مولانا أبو العباس الذي أسرته مطلوقة للبشير ويستخف ثقل النعرار للراغب في إحسانه الطيب النشر ويثني على القائل في مثله إذ تحلا بوسمة وحصل معه في ديوان الجود بصحة رسمه.
سألناه الجزيل فما تأبى ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
مراراً ما أَثيت إليه إلاّ ... ينسّمَ ضاحكاً وثنى الوسادا
فعنه نصره الله ينزه ويبعد؛ وبقولك أيها القائل للأرض يخلد ويقعد، فجد لي أيها الملك بمتسع جودك وسلطانك بما يزيل عني ما ألمني من الفقر في أوطانك، واحلل وثاق أشطان عسري بربط الجود المستوثق من أشطانك حتى يذهب إملاقي بين من آوى إلى حضرتك العلية من قطانك، ايريعني الزمان وأنت من حومه الأمان ويحمد الخطب وسهلها الرطب، ويصعب السهل ووردن النهل فلا تتركني هدفا لسهام الزمان بإعراضه، وطهرني من دنس فقره بذلك المطهر من الوصم بتنقية أعراضه، وجد لي بالنوال على عجل لتريح من مرض الأقلال من بات منه على وجل؛ والله يديم أيامك لعز الإسلام وينصر دولتك المرفعة الأعلام.
والرجز الذي نظمت في الدولة المرينية حيث مجدت بالآساد العرينية، شرحتها شرحا قبل بإجادته وعول على سمع مجادته وهو:
تملكوا بكل أمر مغرب ... بالزاب من قبل دخول المغرب
أَولهم في الأَمرِ ما خوخ الهمامْ ... ثم مرين من حمى رعي الذمام
وبعده بويع للمخضب ... من كان يبدي الباس عند الغضب
وبايعوا حمامة بالباس ... بأَمرهِ صحت بلا إلباس
كذا أَبو بكر إلى الأَمر نهد ... وجد محيوا فيه عزماً واجتهدْ
ثم أَتى للغرب صقر القوم ... من آشترى الملك بعز السّوم
جاء من الشرق إلى الغرب سريع ... بالحزم والعزم وبالسير الذريع
وهو أَبو الأَملاك عبد الحق ... ذاك الذي قام بنصر الحقِ
بويع بالمغرب في البوادي ... وأَظهر الحرب بكل وادي
وجال في المغرب في عيد الهرج ... بدولة التوحيد إِذ راح الفرج
رؤياه في النوم علاه آعلت ... وهي على تمليكه قد علت