تعد طرق المواصلات من مقومات الجغرافية الاقتصادية، وقد أولاها السويدي جانبا من عنايته، فسمى، على نحو دقيق، جميع مراحل الطريق المؤدي من بغداد إلى الموصل فحلب ثم دمشق فالحرمين الشريفين، وضبط المسافة، بالفراسخ، بين كل مرحلة وأخرى، وقد ظل هذا الطريق مسلوكا، ومفضلا بوجه عام، عند الحجاج العراقيين على الطريق القصير المباشر الذي يجتاز بوادي نجد وقفارها.
وطريق الحج هذا، كما وصفه السويدي، يتألف من 75 مرحلة ويمر بأكثر من ثمانين مدينة وقرية ومحطة، ويتراوح طول المرحلة الواحدة بين ثلاثة فراسخ وعشرين فرسخا، أي بين تسعة كيلومترات وستين كيلومترا تقريبا (الفرسخ- 6 كم) ويستغرق قطع الفرسخ الواحد نحو ساعة أو أكثر بحسب استواء الطريق أو وعورته.
وعلى الرغم من استخدام السويدي الفرسخ وحدة رئيسة لقياس المسافات، فإنه استخدم أيضا الميل، ويبلغ ثلث الفرسخ، أي زهاء الكيلومترين، والبريد، ويساوي أربعة فراسخ، أي نحو 24 كيلو مترا.
أشار السويدي إلى أهم ما يعنى به المسافر في طرق ذلك العهد، فقد ثبّت مواضع الخانات ووصفها تفصيلا، وحدّد أماكن برك المياه وسعتها ونوع مياهها، كما لم يغفل عن الإشارة إلى الآبار الارتوازية والعيون المتدفقة، ومن ناحية أخرى فإنه سجّل ملاحظاته حول الحالة الأمنية للطرق يومذاك، وأشار إلى النواحي التي يكثر فيها خروج قطاع الطرق ومداهمتهم قوافل التجار والمسافرين، كما أشار أيضا إلى القلاع المنشأة لغرض حماية الطرق، ومن يقيم فيها من الجند، والمدد التي يقضونها في تلك القلاع قبل إبدالهم بغيرهم، وما يتصل بذلك من شؤون تهم المسافر في ذلك العهد، لأغراض عملية مباشرة، وتهم الباحث في يومنا هذا، بوصفها تلقي ضوءا على مرفق مهم من المرافق الاقتصادية يومذاك.