قرية سرمين إن «أهلها يشربون ماء المطر، يحفظونه في الآبار وآبارهم لا ينبع منها ماء لبعد غوره جدا» .
ووصف أيضا البرك والصهاريج، فعند الأبهل بركة عظيمة مشرفة على الخراب، تمتلىء من ماء المطر، «وعند الأحساء سهل من الأرض يجتمع فيه الماء أو غلظ فوقه رمل يجمع ماء المطر كلما نزحت دلوا جمعت أخرى» . ونوه بسعة بركة المعظم فإنها «تزيد على ثلاثين ذراعا في ثلاثين، وعمقها نحو خمسة عشر ذراعا يجتمع فيها ماء المطر، وله مسيلات ينحدر فيها» .
أورد السويدي إشارات عديدة، ودقيقة، عن الأحوال المناخية للمناطق التي مر بها، ولم يفته، حين يصف مدينة أو صقعا ما، أن يتطرق إلى ما تختص به من مناخ، فنصيبين مثلا «وخمة، هواؤها رديء» يشير بذلك إلى ارتفاع نسبة الرطوبة في جوها، ودنيسر «هواؤها معتدل» ، ومعان «طيبة الهواء» بينما تعد العلى «رديئة» .
ولاحظ أن ثمة مناطق شديدة الحرارة، رغم أن الفصل كان شتاء، قال واصفا مناخ خيبر «وصدفنا في هذه المنزلة حر شديد يزيد على حر تموز في العراق حتى تجردنا عن غالب الثياب، ونحن نسبح بالعرق وكان قد مضى من كانون الأول اثنا عشر يوما» .
ولم يغفل السويدي عن أن يسجل لنا وصفا دقيقا لبعض ما لفت نظره من غرائب بيئته من نبات، فكانت تلك الكتابات قريبة إلى ما كتبه بعض الرحالين الأوربيين الذين جابوا المنطقة في عصره، «1» وفي الحقيقة فإننا لسنا نعلم رحّالة محليا، في ذلك العصر، قد سجّل أوصاف النبات بتلك الدقة العلمية التي تميز بها السويدي في رحلته، انظر إلى قوله يصف