وفي بغداد اختار الدوريون النازحون إليها الإقامة في أقصى جانبها الغربي، بين علاوي الحلة وسوق العجمي «1» مؤلفين هناك محلة صغيرة نسبت إليهم «2» وتدريجيا، أمست هذه المحلة موئلا لكلّ أسرة دورية آثرت أن تقيم في بغداد على مدى القرون الثلاثة الأخيرة.
وكانت من الأسر العريقة في بلدة الدور، أسرة نبيلة تنتمي إلى السلالة العباسية، ولذا فقد اشتهرت بآل الخليفة «3» ثم عرفت بآل مدلل، نسبة إلى جد لها يدعى محمد بن الحسين، ويعرف بالمدلل، وهو لقب يدل على ما كانت عليه الأسرة في أيامه من عزّ وتقدير.
وعلى الرغم من عدم معرفتنا بتاريخ الأسرة في هذه الحقبة إلا أنّنا نرجح أن يكون محمد المدلّل هذا قد عاش في أواخر القرن الثامن الهجري (14 م) ، ولا نعلم ما إذا كان هو أول من أقام في (الدور) أم أن أسرته كانت موجودة فيها منذ عهد سابق وأن تلقب الأسرة كلها- فيما بعد- بلقبه (المدلّل) وربما رجح الرأي الأول، والله أعلم.
وعلى أية حال، فقد أنجب محمد ولدا سماه أحمد أو حمد. وأنجب الأخير ولدا دعاه علي، على اسم أبي جده، وكان لعلي ولد سماه حسينا، على اسم أبي جده أيضا، ويظهر أنه عاش في النصف الأول من القرن العاشر الهجري (6 م) ، وولد لحسين ولد دعاه بناصر الدين، «4» ولأمر ما، ربما اتصل بما ذكرناه من تدني الأحوال المعيشية والزمنية في (الدور) ، غادر ناصر الدين هذا موطن آبائه وأجداده في أواخر القرن المذكور، ميمما شطر مدينة