المؤلف وكتابه

الفصل الأول سيرته

أسرته:

منذ عهود غابرة لا يعلم مبتدأها، نشأت على كهف ذي صخور وحجارة في ضفة دجلة اليسرى، قرية صغيرة عرفت بالدور، وسرعان ما زهت هذه القرية وازدهرت بمن سكنها من قبائل العرب، حتى عرفت بدور عربايي، أو دور العرب، تمييزا لها عن قرى أخرى كانت تحمل اسم الدور أيضا. «1» وشهدت البلدة ذروة عزها في الحقبة التي انتقلت فيها الخلافة العباسية إلى سرّ من رأى، حيث لم تبعد هذه الحاضرة الفخمة عنها غير ثلاثين كيلومترا أو أقل، وبنمو سرّ من رأى واتساعها الهائل، أضحت (الدور) معدودة ضمن ضواحيها، وكثيرا ما ورد اسمها، في أخبار القرن الثالث الهجري (9 م) بوصفها جزءا من معالم الحاضرة نفسها «2» وعرفت يومذاك ب (دور سرّ من رأى) .

ونبغ فيها، في القرون التالية، عدد من أهل العلم والحديث، الذين لقوا من أهلها العناية والرعاية، واسترعى وجود هذه الحركة العلمية فيها اهتمام بعض أمراء الدولة، فأنشأ أحدهم مدرسة علمية فخمة ومسجدا عند ضريح الإمام محمد الدوري، الذي يظن أنه محمد بن موسى بن جعفر «وكان شيخا ظريفا يتعاهد الصوفية وأصحاب الحديث» وتوفي بعد سنة 300 بقليل. «3» وما تزال بقايا هذه المدرسة العلمية موجودة حتى اليوم، تذكّر الناس بما كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015