الثاني: التسبيح في الركوع قال أصحابنا: التسبيح وسائر الأذكار في الركوع والسجود وقول: سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد والتكبيرات غير تكبيرة الإحرام كل ذلك سنة ليس بواجب فلو تركه لم يأثم وصلاته صحيحة سواء تركه عمدًا أو سهوًا لكن يكره تركه عمدًا هذا مذهبنا وبه قال مالك وأبو حنيفة وجمهور العلماء.
وقال إسحاق بن راهويه: التسبيح واجب فإن تركه عمدًا بطلت صلاته وإن نسيه لم تبطل.
وقال الظاهري: واجب مطلقًا وأشار الخطابي في "معالم السنن" إلى اختياره، وقال أحمد: التسبيح في الركوع والسجود وقول سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد والذكر بين السجدتين وجميع التكبيرات واجب فإن ترك شيئًا منه عمدًا بطلت صلاته وإن نسيه لم تبطل ويسجد للسهو هذا هو الصحيح عنه، وعنه رواية أنه سنة كقول الجمهور واحتج من أوجبه بحديث عقبة بن عامر المذكور وبأنه - عليه السلام - كان يفعله وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وبالقياس على القراءة.
واحتج الشافعي والجمهور بحديث المسيء صلاته فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه واجبات الصلاة ولم يعلمه هذه الأذكار مع أنه علمه تكبيرة الإحرام والقراءة فلو كانت هذه الأذكار واجبة لعلمه إيّاها بل هذه أولى بالتعليم لو كانت واجبة لأنها تقال سرًّا وتخفى.
وأما الأحاديث الواردة فيها فمحمولة على الاستحباب جمعًا بين الأدلة وأما القياس على القراءة ففرق أصحابنا بأن الأفعال في الصلاة ضربان:
أحدهما: معتاد للناس في غير الصلاة وهو القيام والقعود وهذا لا تتميز العبادة فيه عن العادة فوجب فيه الذكر ليتميز.
والثاني: غير معتاد وهو الركوع والسجود فهو خضوع في نفسه متميز بصورته