هكذا هو. قال صالح بن أحمد فجعل أحمد بن أبي دؤاد ينظر إلى أبي كالمغضب، قال أبي؛ وكان يتكلم هذا فأرد عليه، ويتكلم هذا فأرد عليه، فإذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دؤاد فيقول: يا أمير المؤمنين هو والله ضالّ مضلّ مبتدع. فيقول: كلموه ناظروه، فيكلمني هذا فأرد عليه ويكلمني هذا فأرد عليه، فإذا انقطعوا يقول لي المعتصم: ويحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول: يا أمير المؤمنين أعطوني شيئًا من كتاب الله وسنة رسول الله حتى أقول به، فيقول ابن أبي دؤاد: أنت لا تقول إلا ما في كتاب الله أو سنة رسول الله، فقلت له: تأولت تأويلًا فأنت أعلم، وما تأولتُ ما يحبس عليه وما يقيد عليه. ثم إن المعتصم دعا أحمد مرتين في مجلسين يطول شرحهما، وهو يدعوه إلى البدعة، وأحمد رضي الله عنه يأبي عليه أشد الإباء. قال أحمد (?) رضي الله عنه: ولما كانت الليلة الثالثة قلت: خليق أن يحدث غدًا من أمري شيء، فقلت لبعض من كان معي الموكل بي: أريد لي خيطًا. فجاءني بخيط فشددت به الأقياد، ورددت التكة إلى سراويلي مخافة أن يحدث من أمري شي فأتَعَرّى فلما كان من الغد في اليوم الثالث وجه إلي، فأدخلت فإذا الدار غاصة فجعلت أدخل من موضع إلى موضع، وقوم معهم السيوف، وقوم معهم السياط وغير ذلك، ولم يكن في اليومين الماضيين كبير أحد من هؤلاء فلما انتهيت إليه قال اقعد، ثم قال: ناظروه كلموه، فجعلوا يناظرونني، ويتكلم هذا فأرد عليه، وجعل صوتي يعلو أصواتهم، فجعل بعض من على رأسه قائم يومئ إلي بيده، فلما طال المجلس نحاني، ثم خلا بهم، ثم نحاهم وردني إلى عنده، وقال: ويحك يا أحمد أجبني حتى أطلق عنك بيدي، فرددت عليه نحوًا مما كنت أرد، فقال لي: عليك وذكر اللعنة، وقال: خذوه واسحبوه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015