* فصل: في سبق علم الله في الكائنات قبل خلقها

فَصْلٌ: في نظْمِ قَوْلِهِ:

وَعَلى العَبْدِ أنْ يَعْلمَ أنَّ اللهَ قدْ سَبَقَ عِلْمُهُ في كُلِّ كَائِنٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَقَدَّرَ ذَلِكَ تَقْدِيرًا مُحْكَمًا مُبْرَمًا، لَيْسَ فيهِ ناقِضٌ، وَلا مُعَقِّبٌ وَلا مُزِيلٌ وَلا مُغَيرٌ، وَلا نَاقِصٌ وَلا زَائِدٌ مِنْ خَلقِهِ فِي سَمَاوَاتِهِ وَأرْضِهِ، وَذَلِكَ مِنْ عَقدِ الإيمَان وَأصُولِ المَعْرفة، وَالاعْتِرَافِ بتوْحِيدِ اللهِ تعالى وَرُبُوبيَّتِهِ، كمَا قالَ تَعَالى فِي كِتَابِهِ: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فقدَّرَهُ تقْدِيرًا) وَقَالَ تعالى: (وَكانَ أمْرُ اللهِ قدَرًا مَقدُورًا) فوَيْلٌ لِمَنْ صَارَ للهِ تعَالى فِي القَدَرِ خَصِيمًا، وَأحَضَرَ للنَّظَرِ فيهِ قلبًا سَقِيمًا، لَقَدِ الْتمَسَ بوَهْمِهِ فِي فَحْصِ الغَيْبِ سِرًّا كَتِيمًا، وَعَادَ بمَا قَالَ فيهِ أفَّاكًا أَثِيمًا.

812 - وَاعْلَمْ بِأَنَّ عِلْمَ رَبِّي سَبَقَا ... في كُلِّ مَا يَكُونُ مِمَّا خَلقَا

813 - أَحَاطَ قبْلَ الخَلقِ وَالإيجَادِ ... بِكُلِّ كائِنٍ مِنَ العِبَادِ

814 - ثمَّ قَضَى هَذَا قَضَاءً مُحْكَمَا ... لانقْضَ فيهِ بَلْ يَكُونُ مُبْرَمَا

815 - وَلا مُعَقِّبَ لِحُكْمِ رَبِّنا ... وَمَا قَضَاهُ فهْوَ نَافِذٌ بنا

816 - فلا إزَالةٌ وَلا تَغْيِيرُ ... لهُ وَلا تَقْدِيمٌ اوْ تأْخِيرُ

817 - بَلْ كُلُّ شَيْءٍ طِبْقَ ما أرَادَهْ ... يَكُونُ دُونَ نقْصٍ اوْ زِيَادَةْ

818 - فكُنْ بهَذا مِنْ أُولي اليَقِينِ ... كيْ يسْتَقِيمَ فِيكَ أمْرُ الدِّينِ

819 - فهُوَ مِنْ لَوَازِمِ الإِيمَانِ ... وَمِنْ أُصُولِ العِلْمِ وَالعِرْفَانِ

820 - وَهُوَ مِنْ لوَازِمِ الإقرَارِ ... بِالرَّبِّ مِنْ مُدَبِّرٍ وَبَارِي

821 - أَدِلَّةُ القَدَرِ لا مَحَالَةْ ... قَطْعِيَّةُ الثُّبُوتِ وَالدِّلالَةْ

822 - فاقْرَأْ وَكانَ أمْرُهُ مَقْدُورَا ... في سُورَةِ الأحْزَابِ جَا مَسْطُورَا

823 - كَمَا أتى فِي سُورَةِ الفُرْقانِ ... نَصٌّ غَدَا فِي غَايَةِ البَيَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015