فصْلٌ:
في نظْمِ قوْلِهِ: وَالجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ لا تَفْنَيَانِ أبَدًا، وَلا تَبِيدَانِ، وَإنَّ اللهَ تعَالى خَلَقَ الجَنَّةَ وَالنَّارَ قبْلَ الخَلْقِ، وَخَلَقَ لهُمَا أَهْلا، فمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إلى الجَنَّةِ فَضْلا مِنْه ُ، وَمَنْ شَاءَ مِنهُمْ إلى النَّار عَدْلا مِنْهُ، وَكُلٌّ يَعْمَلُ لمَا قدْ فُرِغَ لَهُ، وَصَائِرٌ إلى مَا خُلِقَ لَهُ.
1464 - وَاعْلَمْ بأنَّ رَبَّنا قَدْ خَلَقَا ... النَّارَ وَالجَنَّةَ فِيمَا سَبَقَا
1465 - إِذْ كَانَ خَلْقُ كُلِّ دَارٍ سَابِقَا ... لأَهْلِهَا الذِينَ جَاءُوا لاحِقَا
1466 - بَناهُمَا دَارَيْنِ ثمَّ قَدْ بَرَى ... لِكُلِّ دَارٍ أهْلَهَا وَقَدَّرَا
1467 - مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ لدُخُولِ جَنَّتِهْ ... فَذَا بِفَضْلِّ رَبِّنا وَمِنَّتِهْ
1468 - وَمَنْ يَشَأْ مِنْهُمْ لِسُكْنى النَّارِ ... فَذَا بِعَدْلِ رَبِّنا الجَبَّارِ
1469 - أُعِدَّتِ الجَنَّةُ للأبْرَارِ ... وَالنَّارَ للعُصَاةِ وَالكُفَّارِ
1470 - وَالْعَبْدُ عَامِلٌ لمَا قَدْ قَدَّرَهْ ... رَبِّي لَهُ وَفِي الكَتَابِ سَطَّرَهْ
1471 - وَهُوَ صَائِرٌ إلى مَا خُلِقَا ... لَهُ مِنَ الدَّارَيْنِ فيمَا سَبَقَا
1472 - وَإِنْ يَشَأْ هَدَاهُمُ جَمِيعَا ... وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمُ مُطِيعَا
1473 - لَكِنْ أرَادَ مُؤْمِنًا وَكَافِرَا ... كَمَا أرَادَ صَالِحًا وَفَاجِرَا
1474 - إرَادَةً كَوْنِيَّةً قُلنَاهَا ... لأنهَا كَشَاءَ في مَعْنَاهَا
1475 - وَرَبُّنا قَدْ كَتَبَ البَقاءَا ... للنَّارِ وَالجَنَّةِ لا الفَنَاءَا
1476 - فلا يَبِيدَانِ كَمَا قَدْ وَرَدَا ... وَلا هُمَا بفانِيَيْنِ أبَدَا
1477 - بَلْ يَبْقَيَانِ لا بِطَبْعٍ بهِمَا ... لَكِنْ بإبْقَاءِ الإِلَهِ لهُمَا
1478 - وَقِيلَ بَلْ نَارُ العُصَاةِ فانِيَةْ ... وَنَارُ أَهْلِ الكُفْرِ حَقًّا بَاقِيَةْ