هَا هُنَا: الْعَمَلُ، يُقَالُ: سَعَىَ يَسْعَى: إذَا عَمِلَ وَكَسَبَ، وَسَعَىَ: إذَا عَدَا، وَمِنْهُ السَّعْىُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (?) وَمَعْنَى "مَشْكُورًا" أَىْ: يُثْنَى عَلَى (?) عَامِلِهِ وَيُشْكَرُ. وَ"الشُّكْرُ": هُوَ الثَّنَاَءُ عَلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ مِمَّنْ أحْسَنَ الَيْهِ.
قَوْلُهُ (?): "وَاضْطَبَعَ" (?) الاضْطِبَاعُ: افْتِعَالٌ مِنَ الضَّبْعِ وَهُوَ: الْعَضُدُ (?)؛ لأنَّه يَجْعَلُ رِدَاءَهُ تَحْتَ ضَبْعِهِ؛ أو لإنَّه يَكْشِفُ ضَبْعَهُ (?). أُبْدِلَتْ التَّاءُ طَاءً مَعَ الضَّادِ، كَالْاضْطِمَام (?) (وَالاضْطِلَاعِ) (?) بِالأمرِ، وَهوَ التَّوَشُّحُ وَالتَّأبُّطُ أيْضًا (?).
قَوْلُهُ: "فِى الأشْوَاطِ الأرْبَعَةِ" (?) وَاحِدُهَا: شَوْطٌ، يُقَالُ: عَدَا شَوْطًا، أَىْ: طَلَقًا، وَهُوَ - هَا هُنَا: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ بَيْنَ الْحَجَرَيْن (?).
قَوْلُهُ: "خَلْفَ الْمَقَام" (?) الْمَقَامُ- هَا هُنَا، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعُ الْقِيَام، مَعْنَاهُ: حَيْثُ قَامَ إِبراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (?) وَقَدْ قُرِئَ بِالضَّمِّ (?): أرَادَ مَوْضِعَ إقَامَتِهِ؛ لأنَّك إذَا جَعَلْتَهُ مِنْ قَامَ يَقُومُ: فَهُوَ مَفْتُوحٌ، وَإذَا جَعَلْتَهُ مِنْ أقَامَ يُقِيمُ: فَهُوَ مَضْمُومٌ؛ لِأنَّ الْفِعْلَ إذَا جَاوَزَ، الثَّلاثةَ فَالْمَوْضِعُ مِنْهُ مَضْمُومٌ.
قَوْلُهُ: "ثُمَّ يَسْعَى" (?) يُقَالُ: سَعَىَ الرَّجُلُ سَعْيًا: إذَا عَدَا (?) وَسَعَىَ أيْضًا: إذَا عَمِلَ وَاكْتَسَبَ وَالسَّببَ فِى ابْتِدَائِهِ: أنَّ هَاجَرَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ، لَمَّا عَطِشَ ابنُهَا، وَهِىَ مُقِيمَةٌ بِهِ (?) عِنْدَ مَوْضِعِ الْبَيْتِ، وَخَافَتْ أنْ يَمُوتَ مِنَ الْعَطَش: ذَهَبَتْ تَستغِيثُ، فَصَعَدَتْ أقرَبَ جَبَلٍ إلَيْهَا، وَهُوَ: الصَّفَا، تَسْتَغِيثُ وَتَنْظُرُ هَلْ تَرَى أحَدًا، فَلَا تَنْظُرُ، فَتَنْزِلُ مِنْهُ. وَتَسْعَىَ إِلَى الْمَرْوَةِ فَتَستغِيثُ (فَتَنْظُرُ) (?) فَلَا تَرَى أَحدًا، فَتَرْجِعُ وَتَسْعَى حَتى تَأْتِيَ الصَّفَا، حَتَّى فَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَسَمِعَتْ صَوْتَ الْمَلَكِ قَدْ ضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ جَنْبَ (?) إِسْمَاعِيلَ، فَأتتْ هُنَالِكَ (?)، فَوَجَدَت الْمَاءَ مَوْضِعَ زَمْزَمَ (?) وَسَبَتُ الْهَرْوَلَةِ: أَنَّهَا إِذَا صَارَتْ فِى بَطْنِ الْوَاىِ الْمُنْخَفِضِ، لَا تَرَى وَلَدَهَا، فتُهَرْوِلُ وَتُسْرِعُ تَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الرَّبْوَةِ الْمُرْتَفِعَةِ عَنْ مَسِيلِ (?) الْمَاءِ، فَتَرَى وَلَدَهَا، فَتُهَوِّنُ فِى السَّيرِ.
وَالأصْلُ فِى سُنَّةِ الرَّمَلِ: أنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَالَحَ قُرَيْشًا عَلَى أن يَدْخُلَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا (?)، قَالَ الْمُشرِكُونَ: انْظُرُوا إلَيْهِمْ (?) -تَعْنى أَصْحَابَهُ- قَدْ نَهَكَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَقَامُوا مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ (?) يَنْظُرُونَ إلَيْهِمْ وَهُمْ يَطوفُون بِالْبَيْتِ، فَأوحَى اللهُ إلَى النَّبِيِّ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ،