وَاسْتَطَافَ: كُلُّهُ بِمَعْنَى. وَرَجُلٌ طَافٌ، أَىْ: كَثِيرُ الطَّوَافِ (?). وَأَصْلُ الطَّوَافِ، وَابْتِدَاءُ فِعْلِهِ: أَنَّ إِبْراهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، كَانَا كُلَّمَا بَنَيَا شَيْئًا مِنَ البَيْتِ: طَافَا حَوْلَهُ وَقَالَا: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (?) فَبَقى ذَلِكَ إلَى الآنَ. وَرَأيتُ فِى التَّفْسِيرِ أَنَّهُ سُئِلَ عَلِىٌّ بنُ الْحُسَيْنِ عَنْ بَدْءِ الطَّوَافِ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ تَحْتَ الْعَرْشِ بَيْتًا، وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ الَّذِى ذكَرَهُ الله تَعَالَى وَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: طُوفُوا بِهِ وَدَعُوا الْعَرْشَ، فَطَافَت الْمَلَائِكَةُ (بِهِ) (?) فَكَانَ أهْوَنَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أمَرَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِى الأرْضِ أنْ يَبْنُوا فِى الأرْض بَيْتًا عَلَ مِثَالِهِ وَقَدْرِهِ، فَبَنَوْا، (وَسَمَّوُهُ) (?) الصُّرَاحَ (?)، وَأَمَرَ مَنْ فِى الأرْضِ مِنْ خَلْقِهِ أنْ يَطوفُوا بِهِ كَمَا يَطوفُ أهْلُ السَّمَاءِ بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ.
قَوْلُهُ: "سَبْعًا" فِيهِ خَمْسُ لُغَاتٍ: (سَبْعًا) (?) بفَتْحِ السِّينِ وإسْكَانِ الْبَاءِ، أَىْ: سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَسُبُعًا: بِضَمِّ السِّينِ وَالْبَاءِ، كَمَا يُقَالُ: ثُلُثٌ وَثُلْثٌ، وَسُدُسٌ وَسُدْسٌ، وَسُبْعًا: بِضَمِّ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ، كَمَا يُقَالُ: ثُلْثٌ وَسُدْسٌ، وَسَبُوعٌ: بِفَتْحِ السِّينِ، وَأُسْبُوعٌ: بِزِيَادَةِ الألِفِ (?).
قَوْلُهُ: (?) "خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ" أَيْ: افْعَلُوا مِثْلَمَا أَفْعَلُ، وَقُولُوا كَمَا أقُولُ. وَأَصْلُ الأخْذِ: التَّنَاوُلُ، يُقَالُ: أخَذَ الشيء: إذَا تَنَاوَلَهُ، وَأَصْلُهُ: أأخَذُ فَاسْتَثْقَلُوا الْهَمْزَتَيْنِ فَحَذَفُوهُمَا (?).
قَوْلُهُ: "وإنْ طَافَ عَلَى شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ لَمْ يَجْزِهِ" (?) وَهُوَ الْبِنَاءُ اللَّاصِقُ بِأساسِهَا الَّذي فِيهِ حَلَقُ السِّتْرِ؛ لإنَّه مِنْ دِكَّةِ الْبِنَاءِ الأَسْفَلِ (?).
قَوْلُهُ: "وَيُحَاذِيهِ" (?) أَيْ: يُوَازِيهِ. وَالْمُحَازَاةُ: الْمُوَازَاةُ، وَحِذَاءُ الشَّىْءِ: إِزَاؤُهُ (?).
قَوْلُهُ: "وَيُستحَبُّ أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ" (?) قَالَ فِى الْفَائِقِ (?): اسْتَلَمَ: افْتَعَلَ مِنَ السَّلِمَةِ، وَهِىَ: الْحَجَرُ، وَهُوَ (أَنْ تَتَنَاوَلَهُ) (?) وَتَعْتَمِدَهُ بِلَمْسٍ أَوْ تَقْبِيلٍ أَوْ إِدرَاكٍ بِعَصًا، وَنَظِيرُهُ: اسْتَهَمَ (?) الْقَوْمُ إِذَا أَجَالُوا (?) السِّهَامَ، وَاهْتَجَمَ الْحَالِبُ: إذَا حَلَبَ فِى الْهَجْمِ، وَهُوَ الْقَدَحُ الضَّخْمُ. وَوَافَقَهُ (?) الْجَوْهَرِىُّ، فَقَالَ (?): استَلَمَ الْحَجَرَ: لَمَسَهُ، إمَّا بِالْقُبْلَةِ، أوْ بِالْيَدِ (?)، وَلَا يُهْمَزُ؛ لِأنَّهُ مَأخُوذٌ مِنَ (السَّلامِ) (?) وَهُوَ الْحَجَرُ، كَمَا يُقَالُ: اسْتَنْوَقَ (?) الْجَمَلُ (?). وَقِيلَ: إِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّلَامِ بِمَعْنَى (?) التَّحِيَّة، أَيْ (?): يُحَيِّي نَفْسَهُ عَنْ (?) الْحَجَرِ، إِذْ لَيْسَ الْحَجَرُ مِمَّنْ يُجِيبُهُ (?)، يُقَالُ: اخْتَدَمَ: إذَا لَمْ يَكُمْ لَهُ خَادِمٌ، وإنَّمَا خَدَمَ نفْسَهُ.