أَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُون" (?) يُقَالُ: رَجُلْ مَجْدُودٌ، أَيْ: مَحْظُوظٌ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: لَا يَنْفَعُ ذَا الْحَظِّ مِنْكَ حَظَّهُ، أوْ (?): لَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى مِنْكَ غِنَاهُ (?). وَذَكَرَ فِي الْفَائِقِ (?) أنَّ قَوْلَهُ "مِنْكَ" مِنْ قَوْلِهِمْ: "هَذا مِنْ ذَاك" أَيْ: بَدَل ذَاكَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ (?):
فَلَيْتَ (?) لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً ... مُبَرَّدَةً بَاتَتْ عَلَى طَهَيَانِ
أَيْ بَدَلَ (?) مَاءِ زَمْزَمَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (?): {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} (?) أَيْ: بَدَلَكُم. وَالْمَعْنَى: أنَّ الْمَحْظُوظَ لَا يَنْفَعُهُ حَظُّهُ بَدَلَكَ (?). أَيْ: بَدَلَ طَاعَتِكَ وَعِبَادَتِكَ، قَالَ: وَيَجُوزُ أن تَكُونَ "مِنْ" عَلَى أصْلِ مَعْنَاهَا؛ أعْنى: الابْتِدَاءَ، وَتَتَعَلَّقُ إِمَّا بِيَنْفَع [وَإِمَّا] (?) بِالْجَدِّ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمَجْدُودَ لَا يَنْفَعُهُ مِنْكَ الْجَدُّ الَّذِى مَنَحْتَهُ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ أن تَمْنَحَهُ التَّوْفِيقَ (?) وَاللُّطْفَ في الْطَاعَةِ، أوْ لَا يَنْفَعُ مَنْ جَدُّهُ مِنْكَ جَدُّهُ، وإنَّمَا يَنْفَعُهُ الْتَوْفِيقُ مِنْكَ. وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (?): مِنْكَ هَا هُنَا، مَعْنَاهُ: عِنْدَكَ.
* * *
تَفْسِيرُ الْقُنُوتِ
قَدْ ذَكَرْنَا (?) تَفْسِيرَ لَفْظِ الْقُنُوتِ فِي نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أقْسَامٍ، وَبَقِىَ سَائِرُ ألْفَاظِهِ مِنْ حِينِ الرَّفْع (?).
قَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ" (?) أَيْ: دُلَّنِى عَلَى الْخَيْرِ وَالْحَقِّ. وَالْهِدَايَةُ: الدَّلَالَةُ، يُقَالُ: هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ وَإِلَى الطَّرِيقِ.
قَوْلُهُ: "وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ" (?) يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، أحَدُهُمَا: الْعَافِيةُ مِنَ الْبَلَايَا الَّتِى هِىَ الْعِلَلُ وَالْأمْرَاضُ وَالْعَاهَاتُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ. وَمِنْهُ (?) فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْقُبُورِ "أسْألُ اللهَ لَكُمُ الْعَافِيَةَ" أى: الرَّحْمَةَ (?).
قَوْلُهُ: "وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلِّيْتَ" (?) أَيْ: اجْعَلْنى (?) مِمَّنْ يُوَالِيكَ، وَيَكُونُ لَكَ وَلِيًّا وَالْوَلِىُّ: