الأصبهاني المتوفى سنة 222 هـ والذي كان من شعراء عصره ونقاده يؤلف كتابه "عيار الشعر" ليبحث فيه صناعة الشعر، والميزان الذي به تقاس بلاغته، وقد اعتبر هذا الكتاب من أهم كتب النقد التي صنفت في القرن الرابع الهجري.
وفي هذا الكتاب القيم: تجد ابن طباطبا يجعل التشبيه أهم مباحثه، لأنه يعتبره جوهر الشعر ولبه، فيستقصي جميع وجوهه وأقسامه.
حتى إذا ما وصلنا إلى قدامة بن جعفر المتوفى سنة 337 هـ وجدنا النقد الأدبي في كتابه: "نقد الشعر" يأخذ طريقاً آخر غير ما ألفه النقاد من قبله، فقد كانوا يبحثون في تقسيم الشعراء إلى طبقات، أو في رسم الصورة المثلى للقطع الأدبية، أو في وجوه تحسينها وتزيينها، أما قدامة فقد اتجه اتجاهاً خاصاً هو البحث في تخليص جيد الشعر من رديئه، ولهذا فإنه يسميه: "علم جيد الشعر من رديئه" فعرف الشعر، وأخرج محترزات تعريفه، ثم بدأ في سرد صفات الشعر التي إذا اجتمعت فيه كان في غاية الجودة، وذكر منها: الترصيع، والتشبيه، وصحة التقسيم، وصحة المقابلات، وصحة التفسير، والتتميم، والاحتراس، والمبالغة والطباق، والالتفات، والمساواة، والتعريض والكناية والجناس، فهو يؤلف كتاباً في "نقد الشعر" وهو في الوقت نفسه يورد مسائل بلاغية كثيرة لها صلة وثيقة بنقد الشعر.
وعندما جاء التطبيق العملي للنقد الأدبي كان كتاب الموازنة بين أبي تمام والبحتري لأبي الحسن بن بشر الآمدي المتوفى سنة 371 هـ وكتاب: "الوساطة بين المتنبي وخصومه" للقاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني المتوفى سنة 392 هـ رأينا فيهما النقد الأدبي قد أخذ صورته العملية وتضافرت جميع أقسامه فيها لتخدم النص الأدبي.
فالنقد النحوي، والنقد العروضي، والنقد اللغوي، إلى جانب النقد