ولهذا قدم للظرف ليفيد أنه محط الإنكار.
واقرأ قول الشاعر:
أكل امرئ تحسبين امرءاً ... ونار توقد بالليل ناراً؟ !
تجد أنه إنما قدم المفعول ليفيد أن الإنكار، سلط عليه، إذ هو ينكر عليها: أن كل الناس في حسبانها متساوون؛ ولا فرق بين كامل وناقص، كما أنه ينكر عليها أن كل نار في زعمها نار كرم وسماحة.
وكموافقة كلام السامع: وذاك كما في قولك: "الله دعوت"، و"بالنبي توسلت" في جواب: (من دعوت؟ ) و (بمن توسلت؟ ) فتقدم المعمول ليكون موافقاً مقابله في كلام السائل.
وكالمحافظة على الوزن، أو رعاية الفاصلة:
فمثال الأول قول الشاعر:
صريع إلى ابن العم يلطم وجهه ... وليس إلى داعي الندى بسريع
أي إن نزعة الشر فيه غالية، فهو إلى الضر والأذى أسرع منه إلى الإحسان والخير.
ومثال الثاني: قول الله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} وقوله -جل شأنه - {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}، وقوله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
يقدم بعض المعمولات على بعض لأغراض بلاغية:
قالوا: إن من هذه الأغراض: أن يكون الأصل في ذلك البعض هو التقدم على البعض الآخر، ولا مقتفى العدول عن ذلك الأصل، كما في