وقد ذكر أبو هلال - أيضاً - أن أبا بكر بن عياش قال: كنت وأنا شاب إذا أصابتني مصيبة لا أبكي، فيحترق جوفى، فرأيت أعرابياً بالكناس علي ناقة له والناس حوله وهو ينشد:
خليلي عوجا من صدور الرواحل ... ببرقة حزوى فابكيا في المنازل
لعل انحدار الدمع يعقب راحة ... من الوجد أو ينفي نجي البلابل
فسألت عن الأعرابي، فقيل: هو ذو الرمة، فكنت بعد ذلك إذا أصابتني مصيبة بكيت فاستشفيت، فقلت: قاتل الله الأعرابي ما أبصره (?)!
ولهذا قال الفرزدق:
فقلت لها: إن البكاء لراحة ... به يشتفى من ظن أن لا تلاقيا.
ومن تكرير المسند في الهجاء تهكماً: قول البرج بن مسهر الطائي - وكان قد فارق قومه مراغما لهم وجاور كلبا فلم يحمد جوارهم، ففارقهم ذا مالهم: (?)
فنعم الحي كلب غير أنا ... رأينا في جوارهم هنات.
ونعم الحي كلب غير أنا ... رزئنا من بنين ومن بنات.