رأيت فيما يرى النائم أنني أمشي في برية جرداء قفر قد انبسطت، ومالها على سطحها متجعدة تجعد الأمواج المتوثبة في القاموس1 المحيط. وكانت الشمس قد طَفَلت2 للإياب فلم أر في بطحائها ظلًّا غير ظلي المستطيل الذي رسمته يد الشمس، فأخطأت في تصويره كأنما حسبتني آدم أبا البشر3 فأوسعتني طولًا، ورسمتني ميلًا.
أنشأت أمشي لا أعرف لي مذهبا ولا مضطربًا، وأنَّى يكون ذلك في صحراء قد تشابهت مسالكها وتشاكلت مذاهبها، وانفرج ما بين قاصيها ودانيها، حتى انحدرت الشمس إلى مستقرها، وطار طائر الليل من مكمنه، وما نشر الظلام أجنحته السوداء في الأفق حتى وجدتني أحير من دمعة وجد في مقلة عاشق، يدفعها الحب ويمنعها الحياء، لا أعلم هل أنا سرُّ كامن في باطن الظلماء،