النظرات (صفحة 725)

في سنة كاملة، والقوام والأصياء الذين يرثون التركات من دون وارثيها، ويأكلون أموال اليتامى والمعتوهين باسم صيانتها والمحافظة عليها، والسماسرة الذين يغتالون الأسواق بأجمعها، والمرابون الذين يختلسون الثروات بأكملها، والسياسيون الذين يسرقون الممالك بحذافيرها.

على أن الجرائم اللصوصية والسرقة والقتل ليست جرائم الفقر بل جرائم الغنى، فلولا شح الأغنياء بأموالهم وكلبهم عليها وحيازتها عن الفقراء لما وجد في الأرض قاتل ولا سارق ولا قاطع طريق، ولا يسرق السارق ولا ينهب الناهب ولا يلص اللص إلا جزءًا من حقه الذي كان يجب أن يكون له لو كان للمال زكاة وللرحمة سبيل إلى الأفئدة والقلوب.

ليفتح الأغنياء المدارس وليبنوا الملاجئ ولينشئوا المصانع والمعامل للعاطلين والمتشردين وليتعهدوا المنكوبين والساقطين في ميدان الحياة بالمساعدة والمعونة، فإن وجدوا بعد ذلك لصوصًا أو قتلة أو مجرمين فليتهموا الفقر ولينعوا عليه جرائمه وآثامه.

لا أريد أن أقول: إن الغنى علة فساد الأخلاق، وأن الفقر علة صلاحها، ولكن الذي أستطيع أن أقوله عن تجربة واستقراء:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015