أن أكون قد بلغت ما أردت لك في مخرجك هذا من السرور والغبطة، قال: ما نغّص علي يومي إلا منظر ذلك الرجل الأبله المسكين في صغر نفسه وسقوط همته وذلة جانبه، وما أحسب إلا أن الظلم قد ألح على نفسه حتى قتلها وسلبها حسها ووجدانها, فأصبح لا يعرف لنفسه حياة ذاتية مستقلة عن حياة ذلك الإنسان الذي يسميه سيده1, فهو لا يفرح إلا لفرحه ولا يغتبط إلا باغتباطه ويرضيه منه كل شيء حتى سوء مجازاته إياه على إخلاصه إليه, وتعبده له بضربه وتعذيبه وتقتير الرزق عليه, وكذلك يفعل الظلم في نفوس المستضعفين.
ثم تركني وانحدر إلى مخدعه, وهو يهتف بهذه الكلمات:
يحسن مرأى لبني آدم ... وكلهم في الذوق لا يعذب
أفضل من أفضلهم صخرة ... لا تظلم الناس ولا تكذب