لسانه من فصيح القول وصحيحه ما يعيا على جهد المتكلفين، وتزويق المزورين1، وقلت في نفسي: ما لهذا الرجل بد من شأت وفتحت الباب فإذا شيخ كنتيّ2 من حملة أعباء الدهر, قصير القامة ناحل الجسم زري الهيئة قد نيف على الثمانين من عمره, فخيل إلي أن ظهره المحدودب قوس وأن عصاه التي يعتمد عليها وتر قد شد إلى تلك القوس, وأنه قد أعد من هذه وتلك سلاحا يذود به عن نفسه عادية المنون3، فلما شعر بمكاني رفع رأسه إلي ورماني بنظرة خلت أنها نفذت إلى موضع الأسرار من قلبي وأحاطت بما بين قمة رأسي وأخمص قدمي, فرأيت وجها أسمر اللون قد انتثرت في أكنافه حفائر الجدري4 وأسارير