فإنها نهي في المعنى، فهي خبرية لفظا إنشائية معنى، كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} ، أي: تنهانا عن أن يكون للكفار علينا سبيل، أي: هيمنة، والقاضي له الهيمنة والولاية؛ لأن الولاية هي إنفاذ القول على الغير شاء أم أبى، وأحكام القاضي تنفذ سواء شاء المتخاصمون أم أبوا، فإذا ولينا الكافر القضاء على المسلمين كان له الهيمنة والولاية، وهذا يتنافى مع ما تفيده الآية من النهي عن أن يكون لغير المسلمين سيطرة أو ولاية على المسلمين.

واشتراط الإسلام في القاضي إذا تولى القضاء بين المسلمين أمر أجمع عليه العلماء، وأما إذا تولى القضاء بين الكفار بأن ولينا أحد الذميين "مواطنا غير مسلم" هذا المنصب ليقضي بين غير المسلمين من المواطنين، فقد اختلف فيه على رأيين:

أحدهما: ما يراه جمهور العلماء وهو أنه يشترط فيه الإسلام كما هو الشرط في القاضي بين المسلمين، وعلى هذا لا يصح تولية القضاء غير المسلم, ولو كان سيقضي بين غير المسلمين.

الثاني: لا يشترط الإسلام في القاضي بين غير المسلمين، وهو ما يراه الحنفية.

أدلة الجمهور:

أولا: استندوا إلى أن المجتمع الإسلامي لا بد أن يكون العلو فيه للمسلمين، قال الله تبارك وتعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015