وعدوانا، ومعنى الحديث: لا تخن من خانك بأن تقابله بخيانة مثل خيانته، وهذا لم يخنه؛ لأنه أخذ حق نفسه، والأول يغتصب حق غيره1.

الدليل الثاني: ما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه "، وهذا لم يأخذ مال غيره بطيب من نفسه فيكون حراما2.

مناقشة هذا الدليل:

يمكن أن يجاب عن الاستدلال بهذا الحديث بأن الحديث ليس على إطلاقه، بدليل أنه يجوز للشفيع أخذ المشفوع فيه بالثمن جبرا عن المشتري ويجوز انتزاع مال الظالم لتوفية مظالمه، وانتزاع مال المدين المماطل لتسديد ديونه، والحنابلة أنفسهم أجازوا أن ينتفع المرتهن بالركوب كالحصان والمحلوب كالبقرة بغير إذن الراهن نظير نفقته وبقدرها، فكذلك هنا يجوز أخذ الحق جبرا عن المنكر له ما دام صاحب الحق لا يستطيع أن يصل إلى حقه بغير هذا من قضاء أو تحكيم أو غيرهما.

الدليل الثالث: أن الآخذ إما أن يأخذ من جنس حقه أو لا، فإن أخذ من غير جنس حقه، فإن هذا يكون معاوضة بغير تراض وهي لا تجوز، وإن أخذ من جنس حقه فليس له تعيين الحق بغير رضا صاحبه؛ لأن التعيين إليه، ألا ترى أنه لا يجوز أن يقول اقضني حقي من هذا الكيس دون غيره؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015