من غير حضوره، ولو كان حكما عليه، لاستدعاه ولم يحكم عليه في غيابه1.
ثانيا: ما رواه ابن عبد البر في كتابه أن عروة ومجاهدا رويا أن رجلا من بني مخزوم استعدى2 عمر بن الخطاب على أبي سفيان بن حرب أنه ظلمه حدا في موضع كذا وكذا، وقال عمر: "إني لأعلم الناس بذلك، وربما لعبت أنا وأنت فيه ونحن غلمان، فائتني بأبي سفيان، فأتاه به، فقال له عمر: يا أبا سفيان انهض بنا إلى موضع كذا وكذا، فنهضوا، ونظر عمر وقال: يا أبا سفيان خذ هذا الحجر من هنا فضعه ههنا، فقال: والله لا أفعل، فقال: والله لتفعلن، فقال: والله لا أفعل، فعلاه بالدرة3، وقال: خذه، لا أم لك فضعه هنا، فإنك -ما علمت- قديم الظلم، فأخذ أبو سفيان الحجر ووضعه حيث قال عمر، ثم إن عمر استقبل القبلة فقال: اللهم لك الحمد حيث لم تمتني حتى غلبت أبا سفيان على رأيه، وأذللته لي بالإسلام، فاستقبل القبلة أبو سفيان، وقال: اللهم لك الحمد إذ لم تمتني حتى جعلت في قلبي من الإسلام ما أذل به لعمر.
فهذا الأثر يبين أن عمر قد حكم بعلمه.
مناقشة هذا الدليل:
أجيب عن هذا بأن ما روي عن عمر كان إنكارا منه لمنكر رآه، ولم يكن حكما، يدل على ذلك أنه لم توجد من الطرفين دعوى وإنكار بشروطهما.