ما يراه الحنفية:
ويرى الحنفية أن إقرار المريض لوارثه باطل إلا إذا صدقه بقية الورثة، واستندوا في هذا إلى رواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا وصية لوارث ولا إقرار بدين" وأيضًا فإنه تعلق به حق جميع الورثة، فإذا أقر المورث لبعض ورثته فإنه يكون قد أبطل حق الباقين، وفيه إيقاع العداوة بينهم؛ لأن فيه إيثارا لبعض الورثة على البعض الآخر، وذلك ينشئ العداوة والبغضاء، قالوا: وقضية يوسف وإخوته أكبر شاهد1.
ما يراه الشافعية:
وأما الشافعية -على الرأي الراجح عندهم- فيرون أنه يصح إقراره في مرضه لوارثه كإقراره للأجنبي؛ لأن الظاهر أنه محق في إقراره؛ لأنه انتهى إلى حالة يصدق فيها الكاذب، ويتوب فيها الفاجر.
ويوجد قول للشافعي -رضي الله تعالى عنه- بعدم صحة الإقرار للوارث؛ لأنه متهم بحرمان بعض الورثة2.
ما يراه الحنابلة:
يرى الحنابلة عدم صحة إقرار المريض مرض الموت بالمال لأحد الورثة3.
ويحسن هنا أن ننبه إلى أن الخلاف بين العلماء هو في صحة الإقرار وعدمها، وأما التحريم والإثم فلا شك فيه إذا كان المقر قد قصد بإقراره أن يحرم بعض الورثة فلا يوجد خلاف بين العلماء في هذا، وقال العلماء: لا يحل للمقر له أن يأخذ المقر به في هذه الصورة4.
هذا، وفي ختام الكلام عن شروط المقر يحسن أن نبين أن العلماء لم يشترطوا في المقر صفة العدالة كما هو الشرط في الشاهد عند جمهور العلماء -كما سنعرف فيما بعد إن شاء الله تعالى- وذلك لأن طبع الإنسان يزعه عن أن يقر على نفسه بما يقتضي قتلا، أو قطعا، أو تغريم مال، فلهذا قبل الإقرار من البر والفاجر، اكتفاء بالوازع الطبيعي5.