من المرأة، مع جواز كون بعض أفراد النساء خيرا من بعض أفراد الرجال، ولذلك النقص الغريزي نسب -صلى الله عليه وسلم- لمن يوليهن عدم الفلاح1، فكان الحديث متعرضا للمولين ولهن بنقص الحال، وهذا حق، لكن الكلام فيما لو وليت فقضت بالحق، لما يبطل ذلك الحق؟ "2.
ولعل السبب في الخطأ الذي يقع فيه بعض الحاكين لمذهب الحنفية من الكاتبين المحدثين أن بعض المصادر القديمة في كتب الحنفية أنفسهم، وفي كتب غيرهم، يفهم من ظاهر عباراتها أن المرأة يجوز توليتها القضاء في غير قضايا الحدود والدماء، فمثلا يقول الكاساني أحد كبار فقهاء الحنفية المشتهرين في كتابه: "بدائع الصنائع"3: "وأما الذكورة فليست من شرط جواز التقليد في الجملة؛ لأن المرأة من أهل الشهادات في الجملة، إلا أنها لا تقضي بالحدود والقصاص؛ لأنه لا شهادة لها في ذلك، وأهلية القضاء تدور مع أهلية الشهادة".
ولعل مراد الكاساني من عبارة: "وأما الذكورة فليست من شرط جواز التقليد في الجملة"، أن الذكورة ليست شرطا في كل ما يتصل بمسألة قضاء المرأة، إذ إنها لا تشترط في صحة حكمها في الأمور التي يجوز لها أن تشهد فيها، وهي عند الحنفية وجمهور العلماء ما عدا القصاص والحدود، فالمرأة إذا حكمت فيما يصح لها أن تشهد فيه كان حكمها صحيحا عند الحنفية، مع إثم من ولاها منصب القضاء.
ونظير هذا التعبير في كلام العلماء، وهو تعبير "في الجملة" ما قاله العلماء عند بحث مسألة تصرفات الصبي المميز4، قال العلماء إن تصرفات الصبي المميز