وإذا كان عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة، فإن المنتصر بالله أحد ملوك الأندلس يقول: (إن أكبر مصيبة تحدث في المملكة هي أقل خطرا من مصابها بموت القاضي العادل لأن وفاة أحد القواد أو الوزراء لا تتأثر لها الحياة العمومية تأثرها بوفاة القاضي العادل) وما دمنا نتحدث عن النظام الإسلامي للقضاء وعن أهم خصائصه وهي العدل فيحسن بنا أن نورد هذه القصة التي نجعلها خاتمة لهذا البحث نتبين من خلالها حرص الإسلام على العدل حتى مع غير المسلمين، وحتى في حالة الحرب في الإسلام. فقد كتب عمر إلى عامله في العراق أن ينصب لهم قاضيا خاصا (وهو أشبه بقاضي دائرة الاستئناف في عصرنا الحاضر) فنصب لهم قاضيا اسمه جميح بن حاضر الباجي فسمع شكواهم وحالهم مع القائد قتيبة وحكم بخروج المسلمين من سمرقند وأن يعود أهل سمرقند إلى حصونهم وينابذهم قتيبة على سواء (أي يخبرهم بأنه سيغزوهم علنا قبل غزوه لهم) ثم يحاربهم إن أبوا. وخضع القائد العظيم وجيشه لحكم القاضي (جميح) وهم المسلمون بالانسحاب من المدينة فلما رأى أهل سمرقند أن الأمر جد وأنهم لم يشهدوا عدلا مثل هذا العدل قالوا: (مرحبا بكم سمعنا وأطعنا) وصدق الله العظيم حين يقول