لطبعتِهِ، وفيها عشراتُ الأحاديث الصحيحة التي جنى عليها، وهذا منها.

وإعلالُهُ إياه بالجهالة مُعَارَضٌ بقول من وثّقه، فقال أحمد، والنسائي: "ليس به بأس"، وقال ابن معين: "يُروى عنه وهو مشهور" -كما في "تاريخ الدارمي" (98/ 224) -، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4/ 134)، وقال: "غزا مع جماعة من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ".

فأعرض (الهدَّام) عن أقوال هؤلاء العارفين الموثِّقين إلى قول من جهّله؛ ضربًا بقاعدة: (من علم حُجَّة على من لم يعلم) عُرْضَ الحائط، وكتم -أيضًا- قول التِّرمذي: "حديث حسن صحيح"؛ فضلًا عن تصحيح الحاكم الذي لم يَعْزُهُ إليه، وعن موافقة الذهبي إيّاه، وتصحيح ابن حبان -أيضًا-، كما أعرض عن قول الذهبي، والحافظ فيه: "صدوق"؛ ولذلك أقرّ في "الفتح" (9/ 631) تصحيح التِّرمذي، وابن حبان، والحاكم، وكذلك فقد كنت حسّنته في "الصحيحة" (919)؛ فعاكسني (الهدَّام) بهذا الغُثاءِ الذي رأيتَ!

وقد وهم المعلِّق على "الإحسان"؛ فقال (2/ 169 و 170): "إسناده صحيح على شرط الشيخين"! !

وإنّ من غَفَلات (الهدَّام) الكثيرة -والتي تدلُّ على أنَّه لا تحقيق عنده حتى في تصحيح تجارِب المطبعة-: أنَّ هذا التخريج والإعلال وقع عنده تعليقًا على حديث (بيع أمهات الأولاد) الذي غفل أيضًا عنه؛ فلم يُخَرِّجْه! ! وهو مخرَّجٌ في "الإرواء" (6/ 189) بإسنادين صحيحين عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-.

ولعلّه تَعَمّد التهرُّبَ من تخريجه لأنّه غير معقول عنده! ولم يجد مجالًا لإعلاله، فرأى أن (الهروبَ ثُلُثا الشجاعة) كما يُقال في بعض البلاد! ! واللَّه أعلم بما في نفسه!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015