ابن سعد، قال -في طريق عثمان بن صالح المصري - عنه-: قال لي أبو مصعب مِشْرَح بن هاعان، عن عُقبة -وقال في رواية عبد اللَّه بن صالح عنه: سمعت مِشْرَح بن هاعان. . . به-.

قلت: وهذا الإسناد حسنٌ متصلٌ، وأعلّه (الهدَّام) بعلتين: الانقطاع، وضعف مِشْرَح! !

أمّا الانقطاع، فتشبَّث بما نقله عن البخاري من استنكاره سماع الليث من مِشْرَح، ونحوه عن أبي زُرعة، وهو مذكورٌ في "الإرواء".

وجوابًا عليه أقول: هذا الاستنكار كان يمكن أن يكون مقبولًا، لولا أنّه معارض بما يُثبت ما أَنكرا، وهو قول الليث: "قال لي"، وفي الرّواية الأخرى: "سمعت مِشرح. . . "؛ والمثبت مقدَّم على النافي كما هو معلوم، ولا سيما والليث بن سعد إمام من أئمَّة المسلمين، ولا يعرف في (المدلسين).

وابن صالح -وإن كان فيه كلامٌ-؛ فهو متابع من عثمان، وهو ثقة من شيوخ البخاري، ولذلك ردّ الإعلالَ المذكورَ الحافظُ الزيلعيُّ بقوله:

"وأبو صالح مختلف فيه، وإلّا فالحديث صحيحٌ من عند ابن ماجه، فإنَّ شيخ ابن ماجه يحيى بن عثمان ذكره ابن يونُس في "تاريخ المصريين"، وأثنى عليه بعلم وضبط، وأبوه عثمان بن صالح المصري ثقةٌ أخرج له البخاري، وأمّا مِشْرَح بن هاعان، فوثّقه ابن القطان، ونقل عن ابن معين أنَّه وثَّقه، والعلّة التي ذكرها ابن أبي حاتم لم يُعَرِّج عليها ابن القطان ولا غيره".

قلت: وهذا ردٌّ علميٌّ قويٌّ قويٌّ من الحافظ الزيلعي، ولذلك تجاهله (الهدَّام) كما تجاهل غيرَه مما سأذكر، مما يُعرقل عاجه هَدْمَه، فقال عَقِبَ تخريجه للحديث (1/ 388):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015