وذلك لأنَّ له شواهدَ تقوّيه، وهي مذكورةٌ في "الرَّد على ابن حزم"، وليس فيها ضعفٌ شديدٌ، ولكن (الهدَّام) من جنايته على السّنة أنَّه يخالف العلماء في تقوية الحديث بالطرق -كما تقدم التنبيه عليه مرارًا-، بل إنَّ بعضها إسناده صحيح لذاته، وهو ما ذكره (الهدَّام) نفسه من حديث أبي أحمد الزُّبيري, عن سفيان الثوري، عن علي بن بَذِيمة، عن قيس بن حَبْتَر، عن ابن عباس. . . به.

وهذا إسنادٌ صحيحٌ، كما في "الصحيحة" (1806): قيس، وعلي: ثقتان، والثوري، والزُّبيري لا يُسأل عن مثلهما؛ وقد احتجّ بهما الشيخان.

وأمّا (الهدَّام)؛ فعاكسني، وأعلّه بالانقطاع الذي لم يقل به أحدٌ من قبله! فقال:

"ولا أرى (! ) هذا الإسناد متصلًا، فإني لم أجد قيس بن حَبْتَر صرَّح في حديث صَحَّ إسناده إليه أنَّه سمع ابن عباس، وما ذُكر في إسناد أحمد أنَّه سأل ابن عباس فضعيفٌ، انفرد بها أبو أحمد الزُّبيري عن سفيان، وفي حديثه ضعفٌ عن سفيان -إن لم يُتابَع-، ولم يتابعه أحدٌ من أصحاب سفيان على الحديث".

قلت: هذه الفقرة وحدَها كافيةٌ ليتبيَّن منها القراء شيئًا من خُلُق هذا الرجل، وعُجْبهِ، وغروره، وأنَّه ينظر إلى نفسه أنَّه وصل إلى مَصافِّ كبار الحفّاظ المتقدّمين (! ) الذين يجمعون الطرق الكثيرة للحديث الواحد، فيعلِّلون بها ويرجِّحون، فنقول لهذا (الهدَّام): (ليس هذا بِعُشِّكِ فادْرُجي)، فمن يجهل أحاديث في "الصحيحين"، فيعزوها إلى من دونهما طبقةً أو منزلةً -كما تقدم في الأحاديث رقم (18 و 21 و 37 و 56 و 59 و 63)، والحبل جَرّار- حَريٌّ به أن يعرف قدر حفظه، وأن لا يتَعدّى طوره فيقول: ". . . فإِنّي لم أجد. . . " إلخ! ! فمن أنت أيّها المسكين؟ ! وأنت لا تعلم أكثر المطبوع من متون السنّة؛ فضلًا عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015