37

ونجد في "الصحيحين" -وغيرهما- أحاديثَ كثيرةً جدًا لقتادة بالعنعنة، حتى ابن حبّان الذي وصفه بالتَّدليس؛ قد أكثر عنه بها، ويحتمل أنَّ ذلك كان منهم لأنَّه كان -كما قال الحاكم- لا يدلِّس إلّا عنِ ثقة، كما نقله العلائي في كتابه القيِّم "جامع التحصيل" (ص 112)؛ هذا -أولًا-.

وأمّا ثانيًا: فقد عقَّب الإمام أحمد -روايةَ قتادةَ هذه- بروايةٍ أخرى (4/ 279 - 280) ليس فيها قتادة؛ وسنده صحيح، وفيه أنَّ ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أفتى بما وافق السنة، وهو مخرّج في "الإرواء" من طرق (6/ 357 - 360).

37 - "وقال عُمر -رضي اللَّه عنه-: أيَّها الناس! اتَّهِموا الرأي على الدين، فقد رأيتُني يوم أبي جَنْدَل؛ ولو أستطيع أن أردَّ أمْرَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لَرَدَدْتُه":

قال (الهدَّام) (1/ 175): "ذكره السيوطي في "الجامع الكبير" -كما في "الكنز" (11/ 352) - عن شقِيق أبي وائل؛ قال: سمعت سهل بن حُنَيف يقول بصفِّين: أيَّها الناس! اتهموا رأيكم. . . فذكره، ولم ينسبه إلى عمر، وأشار إلى أنَّ ابن أبي شيبة ونعيم بن حَمَّاد في "الفتن" قد أخرجاه"!

قلت: هذا التخريج كسابقه المتقدم برقم (18) -ونحوه (21) -، مما يدلُّ على قلَّة عنايته بكتب السنة ودراستها، فهو يجهل ما فيها من الأحاديث إلَّا بمقدار ما تدلّه عليها الفهارس الموضوعة والمتكاثرة في هذا الزمان، فإنَّ حديث سهل هذا قد أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرّج في الفصل الثامن من "الرد على ابن حزم. . . "؛ فكيف يليق بمن يَدَّعي الاجتهاد (! ) في هذا العلم -حتى يَرُدَّ على الحفّاظ النّقّاد- أن ينزلَ إلى هذا المستوى من التقليد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015