الْحَمد لله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله وَبعد
فَهَذِهِ وَصِيَّة الإِمَام أبي الْوَلِيد الْبَاجِيّ لابْنَيْهِ نسْأَل الله أَن ينفعنا وَأَبْنَاءَنَا بهَا
وَلنَا مَعَ هَذِه الْوَصِيَّة وقفات
أَنَّهَا كَانَت من أبي الْوَلِيد الْبَاجِيّ لِوَلَدَيْهِ فِي حَال الصغر وَقبل الْبلُوغ فَهُوَ يَقُول إنَّكُمَا لما بلغتما الْحَد الَّذِي قرب فِيهِ تعين الْفُرُوض عَلَيْكُمَا وَتوجه التَّكْلِيف إلَيْكُمَا فالتربية يَنْبَغِي أَن تكون فِي الصغر حَتَّى تكون أثبت فِي النَّفس ويشتد عود الصَّبِي عَلَيْهَا لَا بعد أَن يكبر فَلَا تجدي نفعا
وَنحن نرى كثيرا من الْآبَاء يَشكونَ من سوء سيرة أبنائهم وَمَا ذَلِك إِلَّا بِسَبَب إهمال تربيتهم فِي الصغر
كَمَا نلمس فِي هَذِه الْوَصِيَّة صدق النصح فَلَا أنصح من الْأَب لِابْنِهِ وَلَا أحرص مِنْهُ على مَا يصلحه وينفعه فَهُوَ يَقُول لِوَلَدَيْهِ واعلما أَن لَا أحد أنصح مني لَكمَا وَلَا أشْفق مني عَلَيْكُمَا وَأَنه لَيْسَ فِي الأَرْض من تطيب نَفسِي أَن يفضل عَليّ غيركما
كَمَا نرى أَن هَذِه الْوَصِيَّة جَامِعَة مَانِعَة مَا تركت خيرا إِلَّا حثت عَلَيْهِ وَلَا شرا إِلَّا حذرت مِنْهُ
وَإِن اهتمام أبي الْوَلِيد الْبَاجِيّ بولديه لم يقْتَصر على هَذِه الْوَصِيَّة إِذْ من الْمُمكن اعْتِبَار هَذِه الْوَصِيَّة توجيهات نظرية مدعمة بِالْآيَاتِ القرآنية وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة الشَّرِيفَة وَلَكنَّا نرَاهُ يحاول مَعَهم التربية بالقدوة فيؤلف لَهما كتابا سَمَّاهُ سنَن الصَّالِحين