قال بعض العلماء: ومن له قرناء سوء قد خرج عنهم، وأراد ألا يرجع إليهم، فليشخصهم، وليصل عليهم صلاة الجنازة، واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كبر أربعا على قوم لم يغزوا معه.
وأكثر آداب العجم، وفقراء العصر، خارجة عن الأصل، فليتمسك المريد بالحق، ومن يتق الله يجعل له مخرجا.
والتوكل على الله، والاعتماد عليه أساس كل خير، والمؤمن يلتمس المعاذير، والمناق يتتبع العيوب.
وشكر الله أساس الخيرات، والصبر مفتاحها.
والشكر: أن لا تعصي الله بنعمه، والصبر: حبس النفس على حكم الرب.
والشكر معرفة بالقلب، وثناء باللسان، وثناء بالبنان، وهو الصراط المستقيم الذي قعد عليه الشيطان، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم) قال مولانا جلت قدرته (لَئِن شَكَرتُم لأَزيَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديد) فالشاكر يزيده ربه، والعابد يزيد بنفسه، وبين المقامين ما بين متعلقهما، وتحقيق المقامات يطول فنكتف بالواجبات، وبالله التوفيق.
الباب الثاني
النصيحة لرسوله
الفصل الأول
اتباع سنته
وأما اتباع السنة: فهو العصمة من كل خلل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) .
ومن السنة: السواك، ومواطنه أربع: عند كل صلاة وإن لم يتوضأ، وعند كل وضوء، وإن لم يصل، وعند القيام من النوم، وفي كل حال يتغير فيه.
ومن السنة: استعمال خصال الفطرة، كحلق العانة، ونتف الإبط، إلى غير ذلك، ولا بأس بالنورة، إلا أنها تضعف الذكر، والدوام عليها ليس من السنة وكذا حلق الجناحين، وما نقل عن الشافعي رضي الله عنه من ذلك، فقد علل بأنه لا يقدر على النتف.
وفي اللحية خصال نهي عنها، منها تخفيفها ونتف الشيب منها، وصبغها ليغير، وتبيضها كذلك، وكذلك قص غير ما طال منها، والأحاديث متعارضة في الشارب، بين الحلق والقص، والأفضل الجمع، والقص أولى عند الإفراد.
وصفة تقليم الأظفار: أن يبدأ بسبابة اليمنى، ثم وسطها، ثم كذلك إلى أن يختم بإبهام اليمنى.
نعم ويتقي الأيام التي جاء عنها، أي عن التقليم فيها، كالحجامة، والسفر، ونحوه فرارا من أن يصيبه شيء مما توعد عليه فيها، فقد ذكر بعض العلماء أن بعضهم احتجم يوم الأربعاء وفي لفظ يوم السبت، ولم يلتفت لما وردن من قوله عليه السلام: (من احتجم يوم الأربعاء وفي حديث يوم السبت وأصابه مرض فلا يلومن إلا نفسه) .
اعتبارا من عدم صحته فتبرص، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فشكى إليه فقال: ألم يبلغك الحديث، فقال: بلى يا رسول الله لم يصح، قال: أما يكفيك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أتوب إلى الله، فدعا له، فلم يستيقظ إلا وقد زال ما به.
ومن السنة: ركوع الضحى وأوسطه ستا، وقبل الظهر أربعا، وبعدها ركعتان، وكره ابن المبارك أن تتبع الصلاة بمثلها، وقبل العصر أربعا، وبعد المغرب ركعتان، وبعد جوف الليل اثنا عشر ركعة ويوتر بواحدة، أو عشر ويوتر بثلاث، ويقرأ في الثلاثة بالأعلى والكافرون، والاخلاص، والمعوذتين إن اكتفى بهما، وإلا فمن حزبه، وفي الفجر بالكافرون والإخلاص، فإن الدوام على ذلك أمان من وجع الأسنان.
وكان عليه الصلاة والسلام يصوم يوم الاثنين والخميس، قيل: وهو ثلث الدهر مع رمضان. وقال: (من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقه) وقال: (أما أن فأقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وآتي النساء، فهذه سنتي ومن رغب عنها فليس مني) وكان فيما يتلى: من رغب عن سنتك فليس من أمتك، وكان عمله عليه الصلاة والسلام ديمة، وقال: (أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه) وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة - يعني ذكر ما بعد الصبح إلى طلوع الشمس - والروحة - يعني ذكر ما بعد العصر من الإصفرار إلى غروب الشمس - وشيء من الدلجة - يعني آخر الليل) .