ولا شم أنه كان لهم في كنائسهم (منبر) للكرازة واعظم شاهد على قولنا أن اللفظة ليست عربية بل مستعارة من نصارى الحبش (كلمة يونانية) أي مجلس وكرسي الخطابة ثم أخذها المسلمون (قال الفرزدق في آل أبي العاصي (راجع ديوانه de, رضي الله عنهoucher,p,i 9:

ولن يزال أمامٌ منهمُ ملكٌ ... إليه يشخص فوق المنبر البصرُ

7 مفردات نصارى الجاهلية الخاصة بمساكن الرهبان

قد توفرت المفردات العربية ورد ذكرها في المعاجم والشعر القديم دلالة على مساكن الرهبان فجمعنا منها ما تيسر لنا على ترتيب حروف المعجم وفي وفرتها شاهد ناطق على شيوع العيشة الرهبانية في أنحاء العرب.

فمن ذلك (الأسطوانة) وهي السارية وفقاً لمعناها الأصلي في اليونانية (كلمة يونانية) وقد اتخذها العرب بمعنى العمود الذي كان يتعبد فوقه بعض الرهبان المدعوين لذلك بالعموديين (Stylites) قال ذو الجدن (سيرة الرسول لابن هشام ص26 ed, Wustenfeld)

فإنَّ الموت لاينهاهُ ناهٍ ... ولو شربَ الشفاءَ مع النشوقِ

ولا مترهّب في أسطوانٍ ... يناطحُ جدرهُ بيضُ الأنوقِ

قال الشارح: الأسطوان والأسطوانة هاهنا موضع الراهب المرتفع، وقال في التاج: الفرق بين الأسطوانة والعمود أن العمود حجر واحد والأسطوانة بناء ومنها (الأكيراح) وهي قلاية الراهب، ومثلها الكراح، واصل الكلمة من السريانية (كلمة سريانية) قال في المخصص لابن سيده (13: 10) : "الأكيراج بيوت ومواضع تخرج إليها النصارى في بعض أعيادهم وهو معروف"، وقال في معجم البلدان (1: 345) : "الأكيراح بيوت صغار تسكنها الرهبان الذين لا قلالي لهم" وهي أيضاً موضع بعينه وأنشد لبكر بن خارجة:

دعِ البساتينَ من آسٍ وتفَّاحِ ... واقصد إلى الشيخ من ذات الأكيراحِ

إلى الدساكر فالديرِ المقابلها ... لدى الأكيراحِ أو دير ابن وضاحِ

ومنها (التأمور) ويروى بالهمز تأمور، قال في التاج (1: 20) : "التأمور صومعة الراهب وناموسه.. وقال ابن دريد أن أصل هذه الكلمة سريانية"، ولم نجدها في المعاجم السريانية بهذا اللفظ، ولعلها من (كلمة يونانية) بالطاء فتكون كالمطمورة في العربية شبهوا بها مسكن الراهب أو كالطمار أي المحل المرتفع والله أعلم، وقيل أن أصلها من (كلمة يونانية) (تبر) الحبشية فابدلوا الباء من الميم (ووردت الكلمة في الشعر الجاهلي في قول الشاعر عن الراهب: ولهمَّ من تامورهِ يتنزلُ ومن ألفاظهم الشهير (الدير) وهي لفظة سريانية الأصل (كلمة سريانية) ومعناها المسكن عموماً لا سيما المحصن ثم خصوا بها مسكن الرهبان، قال ياقوت في معجم البلدان (6: 639) : "الدير بيت يتعبد فيه الرهبان ولا يكاد يكون في المصر الأعظم إنما يكون في الصحارى ورؤوس الجبال"، وقال في اللسان (5: 287) عن ابن سيده: "الدير خان النصارى والذي يسكنه ويعمره ديار وديراني"، وقال ابن الإعرابي: "يقال للرجل إذا رأس أصحابه: هو رأس الدير، وقد شاع استعمال الكلمة في الشعر القديم قال عدي بن زيد (معجم البلدان 2: 68) :

نادمتُ في الدير بني علقما ... عاطيتهم مشمولةً عندما

كأنَّ ريح المسكِ من كأسها ... إذا مزجناها بماء السما

وقد عدد ياقوت والبكري وغيرهما في معاجم البلدان نيفاً ومئة دير مما ورد ذكره في الشعر القديم بل ذكر لأبي الفرج الأصفهاني كتاب في الديارات خصه بذكر الأديرة القديمة بين العرب.

ومنها الركح) قال في المخصص (13: 102) : "من أبيات النصارى، (قال) ولست من هذه الكلمة على ثقة"، (قلنا) ولعل الكلمة تصحيف (الكرح) الآتية (ومنها (الصرح) وهو في الأصل البناء العالي وقيل أن الصرح في النبطية القصر، ولعل الأصح أنها حبشية (كلمة يونانية) ومعناها الحجرة والقلاية.

ومنها (الصومعة) ومثلها الصومع بناء للراهب محدد الطرف، قال في التاج (7: 411) : "الصومعة كجوهرة بيت النصارى ومنار الراهب سميت لدقة في رأسها".

وقال زين العابدين: "الصومعة المنارة وهي في الأصل متعبد للراهب وقد مر ذكرها في الفصول السابقة (راجع الصفحة 175) وأصل الكلمة من الحبشية (كلمة يونانية) ومعناها الدير والقلاية، وقد وردت بهذا المعنى في القرآن (سورة الحج ع 41) ونطق بهذا الشعراء القدماء روى سيبويه لأحدهم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015