يؤّخر فيوضع في كتاب فيدّخر ... ليوم الحساب أويعّجلْ فينقمِ

وقال أميّة بن أبي الصلت:

يوقفُ الناسُ للحساب جميعاً ... فشقيٌ معذّبٌ وسعيدُ

وقال النابغة الذبياني يذكر معتقد بني غسّان بالدينونة:

فلا يحسبونَ الخي لا شرَّ بعدهُ ... ولا يحسبون الشرَّ ضربةَ لازبَ

وقال لبيد:

وكلُّ امئ يوماً سيعلمُ سعيهُ ... إذا كشفت عند الإلهِ المحاصلِ

ويروى في المخصّص:"إذا حصلت عند غلإله الحصائل" وروى السيوطي لأميّة بن أبي الصلت:

ولا يوم الحساب وكان يوماً ... عبوساً في الشدائد قمطريرا

وقال أميّة أيضاً:

إنَّ يوم الحساب يومٌ عظيمٌ ... شابَ فيهِ الصغيرُ شيباً طويلا

ليتني كنتُ قبل ما قد بدا لي ... في قلال الجبال أرعى الوعولا

كلّعيشٍ وإن تطاول دهراً ... منتهى أمرهِ إل أن يزولا

واجعل الموت نصب عينك واحذرْ ... غولة الدهر أنّ للموت غولا

وقال أيضاً:

لا تخلطنَّ خبيثاتٍ بطيّبةٍ ... واخلع ثيابك منها وانجُ عريانا

كلّ امرئ سوف يجزى قرضهُ حسناً ... أو سيئاً ومديناً كالذي دانا

وهم يذكرون مع الدينونة والحساب يوم الحشر وبعث الأجساد وقيامتها من قبورها وجزاء العالمين الأخير. قال أميّة ووصفه تعالى بالباعث للموتى:

الوارثُ الباعثُ الأموات قد ضمنت ... إيّاهم الأرض في دهر الدهاريرِ

وقال قس بن ساعدة:

يا ناعيَ الموتِ والأمواتُ في جدثٍ ... عليهم من بقايا خزّهم خرقُ

دعهم فإنّ لهم يوماً يصاحُ بهم ... فهم إذا انتبهوا من نومهم فرقُ

حتى يعودوا بحالٍ غير حالهمِ ... خلقاً جديداً كما من قبلها خلقوا

منهم عراةٌ وموتى في ثيابهمِ ... منها الجديد ومنها الأورق الخلقُ

وقال عبيد بن الأبرص يذكر القيامة:

أنت المليك عليهمِ ... وهم العبيدُ إلى القيامة

وقال أميّة وله السهم الأفوز في وصف الدينونة وذكر أيضاً العرش وميزان الحساب والزّبر أي الأسفار المقدّسة التي أوحي بها الله لهداية العالمين:

ويومُ موعدهم أن يحشروا زمراً ... يوم التغابن إذ لا ينفع الحذرُ

مستوسقين مع الداعي كأنّهمُ ... رجلُ الجرادِ رقتهُ الريحُ تنتشرُ

وأبرزوا بصعيدٍ مستوٍ حرزٍ ... وأنزل العرشُ والميزانُ والزّبرُ

وحوسبوا بالذي لم يحصهِ أحدٌ ... منهم وفي مثل ذام اليوم معتبرُ

فمنهم فرحٌ راضٍ بمبعثهِ ... وآخرون عصوا مأواهم السّقرُ

يقولُ خزّانها: ما كان عندكمُ ... ألم يكن جاءكم من ربّكم نذرُ

قالوا: بلى فتبعنا فتيةً بطروا ... وغرّنا طول هذا العيش والعمرُ

قالوا: امكثوا في عذاب اللهِ ما لكم ... إلاّ السلاسلُ والأغلالُ والسّعرُ

فذاك عيشهمُ لا يبرحون بهِ ... طول المقام وإن صحّوا وإن ضجروا

وآخرون على الأعراف قد طمعوا ... بجنّةٍ حفّها الرمّان والخضرُ

إنَّ الأنام رعايا اللهِ كلهمُ ... هو السلّيطط فوق الأرض مقتدرُ

وهو القائل أيضاً في وصف الجحيم والنعيم:

سلامك ربّنا في كلّ فخرٍ ... بريئاً ما تليقُ بك الدّمومُ

عبادكُ يخطئون وأنت ربٌّ ... بكفيّك المنايا والحتومُ

غداةً يقولُ بعضهمُ لبعضٍ ... ألا يا ليت أمّكم عقيمُ

فلا تدنو جهنّمُ من برئٍ ... ولا عدنٌ يحلُّ بها الأثيمُ

فهم يطفونَ كالأقذاء فيها ... لئن لم يغفر الربُّ الرحيمُ

جهنّم تلك لا تبقي بغيّاً ... وعدنٌ لا يطالعها الرجيمُ

فلا لغو ولا تأثيمَ فيها ... ولا حينٌ ولا فيها مليمُ

إذغ بلغوا التي أجروا إليها ... تقبَّلهم وحلل من يصومُ

وخففت النذورُ وأردفتهم ... فضول الله وانتهت القسومُ

فهذه الأوصاف كلها لا ترىفي غير الأسفار المقدّسة التي كانت في أيدي النصارى فأخذها عنهم شعراء العرب قبل الإسلام. ولأميّة المذكور أبيات ذكر فيها انتظار البشر ليوم الدينونة وظهور المسيح ليدين العالم:

والناسُ راثَ عليهم أمرُ ساعتهم ... فكلّهم قائلٌ للدين أيّانا

أيّام يلقى نصاراهم مسيحهمُ ... والكائنين لهُ ودّاً وقربانا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015