وفي هذه الساء العليا قال أيضاً:

فأتمَّ ستاً فاستوت أطباقها ... وأتى بسابعةٍ فأنّى توردُ

وتدعى السماء أيضاً بجنّة الخلد وبالفردوس وجنان عدن. قال أميّة بن أبي الصلت:

ربّي لا تحرمننّي جنَّةَ الخلد ... وكن ربّي بي رؤوفاً حفيّاً

وقال حكيم بن قبيصة يخاطب ابنه بشراً:

فما جنةُ الفردوس هاجرتَ تبتغي ... ولكن دعاك الخبزُ والتمرُ أحسبُ

ومثله لحسّان بن ثابت:

وإنَّ ثوابَ الله كلَّ موحدٍ ... جنانٌ من الفردوس فيها يخلّدُ

وقال النابغة:

فسلام الإله يغدو عليهم ... وفيوءُ الفردوس ذات الظلالِ

وللسماء في الشعر القديم أسماء غيرها منها برقع وعدن ونعيم قال أميّة بن أبي الصلت:

وكأنّ برقِعَ والملائكُ حولها ... سدرٌ تواكله القوائمُ أجردُ

وجاء في عدن له أيضاً:

جهنم تلك لا تبقي بغيّاً ... وعدنٌ لا يطالعها رجيمُ

وقال في النعيم:

لم يخلق السماءُ والنجومُ ... والشّمس معها قمرٌ يقومُ

قدّرهُ المهيمن القيّومّ ... والحشُّ والجنّةُ والنعيمُ

إلا لأمر شأنه عظيم

وسماها أيضاً دار صدق قال:

وحلَّ المتَّقون بدارِ صدقٍ ... وعيشٍ ناعم تحت الظلالِ

لهم ما يشتهون وما تمنَّوا ... من الأفراح فيها والكمالِ

"الملائكة" وأخصّ ما في السماء الملائكة. ومعلوم أنّ ذكر الملائكة لم يمكنه أن يتّصل إلى العرب إلا بطريقة وحي سابق ودين شاع فيه المعتقد بوجود الملائكةكالنصرانيّة. وقد أحسن أميّة في وصفهم فقال:

ينتابه التنّصفون بسجرة ... في ألفِ ألفٍ من ملائكَ تحشدُ

رسلٌ يجوبون السماء بأمرهِ ... لا ينظرون ثواء من يتقصّدُ

فهمُ كأوب الريح بيناً أدبرت ... رجعت بوادي وجهها لا تكردُ

حذٌ مناكبهم على أكتافهم ... زفٌّ يزفُّ بهم إذا ما استنجدوا

وإذا تلاميذ الإله تعاونوا ... غلبوا ونشّطهم جناحٌ معتدُ

نهضوا بأجنحةٍ فلم يتواكلوا ... لا مبطئ منهم ولا مستوغدُ

وله من قصيدة أخرى:

كلائكةٌ أقدامهم تحت عرشهِ ... بكفيَّهِ لولا الله كلّوا وأبلدوا

قيامٌ على الأقدام عانين تحتهُ ... فرائصهم من شدّة الخوفِ ترعدُ

وسيطٌ صفوفٌ ينظرون قضاءهُ ... يصيخون بتلأسماع للوحي ركّدُ

وهناك قد ميّز طبقات الملائكة وأشار إلى عددهم ومختلف أعمالهمورتبهم كالكروبيم والحرّاس وصرّح بأسماء بعضهم كجبرئيل وميخائيل قال:

أمينٌ لوحي القدس جبريلُ فيهمِ ... وسيكالُ ذو الروحِ القوي المسدّدُ

وحرّاسُ أبولب السماوات دونهم ... قيامٌ عليها بامقليد رصّدُ

فنعمَ العبادُ المصطفون لأمرهِ ... ومن دونهم جندٌ كثيفٌ مجنّدُ

ملائكةٌ لا يفترون عبادةً ... كرزبيّةً منهم ركوعٌ وسجّدُ

فساجدهم لا يرفعُ الدهرَ رأسهُ ... يعظّم ربّاً فوقهُ ويمجّدُ

وراكعهم يحنو لهُ الدهرَ خاشعاً ... يردّد ى آلاءَ الإلهِ ويحمدُ

ومنهم ملفٌ في الجناحين رأسهُ ... يكاد لذكرى ربّهِ يتفصّدُ

من الخوفِ لاذو سأمةٍ بعبادةٍ ... ولا هز من طول التعبّد يجهدُ

ودون كثيف الماء في غامض الهوا ... ملائكةٌ تنحطُّ فيهِ وتصعدُ

وبين طباق الأرض تحت بطونها ... ملائكةٌ بالأمر فيها تردّدُ

وأنشد الكسائي لعلقمةبن العبد يمدح الحارث بن جبلة. وتروى لشاعر من عبد القيس يمدح النعمان وفيها ذكر الملائكة:

تعاليتَ أن تعزى إلى الأنس خلّةً ... وللإنس من يعزوكَ فهو كذوبُ

فلستَ لإنسيٍ ولكن لملاكٍ ... تنزّلَ من جو السماء يصوّبُ

ولأميّة أيضاً في الملائكة الموكلين بالمخلوقات السفلىقوله:

وتحت كثيف الماء في باطن الثرى ... ملائكةٌتنحطُّ فيه وتسمعُ

وقد كثر ذكر الملاك جبرائيل في الشعر القديم. قال عمران بن حطّان:

والروح جبريلُ فيهم لا كفاء لهُ ... وكان جبريل عند الله مأمونا

وقال حسّان بن ثابت:

يلحارِ في سنةٍ من نومِ أوّلكم ... أم كنت ويحك مغترّاً بجبريلِ

وقال أيضاً:

برجالٍ لستمُ أمثالهم ... أيّدوا جبريلَ نصراً فنزلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015