أطعنا ربنا وعصاهُ قومٌ ... فذقنا طعم طاعتنا وذاقوا

"الأسماء الحسنى يريد العرب بالأسماء الحسنى صفات له تعالى تدل على أخص كمالاته عزّ وجلّ استخرجوها من بعض أقوال القرآن وعددّوها 99 اسماً.

وأسماء الله لا عدد لها كما هو معروف لأتّ كمالاته تعالى لا يضمّ بها إحصاء ومهما وصفت هذه الأسماء وإنّما نكتفي بما هو أدلّ على جلاله تعالى وعظمته وقدرته وعلمه ورحمته فنجدها كلّها سبقتعلى ألسنة أهل الجاهليّة وإذ كان الله الواحد الصمدقد عرفه العربكما قلنابواسطة الموّحدين ولا سيما النصارى وجب القول بأنّهذه الصفات استعارها أيضاً كتبة العرب وشعراؤهم عن الدين النصراني والأسفار المقدّسة التي كان يتداولها أرباب هذا الدين.

وكمالاته تعالى على صنفين صنف منها يعرف الذات الإلهيّة في نفسها بقطع النظر عن المخلوقات كلها والصنف الآخر يشعر بصفات العزّة الإلهيّة بالنسبة إلى الكائنات الخارجة عنه.

فمن الصنف الأوّل ما دلّ على وجوده تعالى الواجب وقيامته بذاته وجلاله وعلمه وحكمته وقدرته وغناه وأبديته. وكلّ هذه الصفات قد عرفها أهل الجاهليّة من نصارى العرب واستعاروها من الأسفار المقدّسة من العهدين القديم والحديث. فمن ذلك قول أمية بن أبي الصلت يصف عظمته وجلاله وفي كلامه كثير ممّا ورد في القرآن من الأسماء الحسنى فقال:

لك الحمدُ والنعماءُ والملك ربّنا ... فلا شئ أعلى منك مجداً وأمجدُ

مليكٌ على عرش السماء مهيمن ... لعزّتهِ تعنو الوجوهُ وتسجدُ

عليه حجابُ النور والنورُ حولهُ ... وأنهارُ نورٍ حولهُ تتوقّدُ

فلا بشرٌ يسمو إليه بطرفهِ ... ودون حجاب النورِ خلقٌ مؤيّدُ

ومنها في وحدانيّته وصمدانيّته وملكه المتعالي:

فسبحانَ من لا يعرفُ الخلقُ قدرهُ ... ومن هو فوق العرش فردٌ موَّحدُ

ومن لم تنازعهُ الخلائقُ ملكهُ ... وإن لم تفرّدهُ العبادُ فمفردُ

مليك السماوات الشداد وأرضها ... وليس لشئ عن قضاه تأوّدُ

وفي وحدانيّته وقدرته وبقائه قال ورقة بن نوفل:

سبحان ذي العرش سبحاناً يعادلهُ ... ربُّ البريّة فردٌ واحدٌ صمدُ

مسخَر كلُّ ما تحت السماء لهُ ... لا ينبغي أن يناوي ملكهُ أحدُ

لا شئ ممّا نرى تبقى بشاشتهُ ... يبقى الإلهُ ويودي المالُ والولدُ

ولزيد بن عمرو في ربوبيّته وولائه وأبديّته قوله:

ألا كلُّ شئ هالك غير ربّنا ... والله ميراثُ الذي كان فانيا

وليٌّ له من دون كلّ ولاية ... إذا شاء لم يمسوا جميعاً توالياً

وإن يكُ شئ خالداً ومعمراً ... أمل تجدْ من فوقه الله باقيا

له ما رأت عيُنُ البصيرة وفوقهُ ... سماءُ الإلهِ فوق سبعٍ سنائيا

وروى الصغاني:"فوق ست سمائيل". وسمّاه أميّة مقدّساً وذا الجلال فضلاً عن بقائه فقال:

فكلّ معمّر لا بُدَّ يوماً ... وذي الدنيا يصيرُ إلى الزوالِ

ويفنى بعد جدّتهِ ويبلى ... سوى الباقي المقدّس ذي الجلال

ودعاه زيد بن عمرو بالعزيز والواسع فقال:

إنَّالإله عزيز واسعٌ حكمٌ ... بكفه الضرُّ والأساءُ والنعمُ

فترى في كلّ هذه الأبيات عدداً عديداً من أسمائه عزّ وجلّ كالواحد والأحدوالفرد والصمد والأوّل والآخر والباقي والعزيز والعظيم والكبير والعليّ والمتعالي والحتجب والماجد والمجيد والقادر والقويّ والقهّار والمقتدر والملك ومالك الملك وذي الجلال والمقدّس والحقّ والعليم والحكيم والغنيّ وكلّها من أوصافه الدالّة على كمالاته الذاتيّة. أمّا الصفات الإلهيّة المنب ئة بالعلاقة بين الخلق والمخلوق فورد منها كثير في الشعر الجاهليّ ومصدرها كما في الصفات السابقة التعاليم النصرانيّة الشائعة في جزيرة العرب. فمن جميل أبيات أميّة بن أبي الصلت قوله يصف خالق البرية:

هو الله باري الخلق والخلقُ كلُّهم ... أماءٌ لهُ طوعاًجميعاً وأعبدُ

وأنّى يكون الخلقُ كالخالقِ الذي ... يدومُ ويبقى والخليقة تنفدُ

ووصفه هناك بالمحيي المميت:

ونفنى ولا يبقى سوى الواحد الذي ... يميت ويحيي دائباً ليس يهمدُ

وله في وصف تكوين العالم أقوال كثيرة كقوله في السماء:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015