زهير صاحب المعلقة الميمية الشهيرة ومادح السيد بن الحارث بن عوف وهرم بن سنان اللذين سعيا بإصلاح قبيلتي عبس وذبيان بعد حرب داحس والغبراء. كان مؤمناً بالله وبيوم الذين والحساب ومن أقواله في ذلك قوله للمتحاربين ليتركوا كل ضغينة:

فلا تكتمنَّ اللهَ ما في صدوركم ... ليخفى ومهما يكتمِ الله يعلمِ

يؤَّخرْ فيوضعْ في كتاب فيدَّخر ... ليوم الحساب أو يعجَّل فينقمِ

وقال أيضاً:

بدا ليَ أنَّ الله حقٌ فزادني ... إلى الحق تقوى الله ما كان بادياً

وهو القائل:

تزوَّدْ إلى يوم المماتِ فإنَّهُ ... ولو كرهتهُ النفسُ آخرُ موعدِ

وقدمنا أن الإيمان بالله وبالحساب قبل الإسلام يشعر بنصرانية قائله. وهو ينسب إلى الله في شعره الحكم في خلائقه مع وجوده إلى الأبد. وكذلك أشار في قصائده إلى أمور من الكتاب المقدس كذكره لفرعون وداود.

عبيد بن الأبرص أحد الشعراء الوافدين على ملوك غسان وكندة النصارى وقد مدحهم بشعره. وفي ديوانه ما ينبئ بتوحيده وتقاه واعتقاده للآخرة. كقوله في بائيته الشهيرة:

منْ يسألِ الناسَ يحرموهُ ... وسائلُ الله لا يخيبُ

بالله يدركُ كلّ خيرٍ ... والقول في بعضهِ تلغيبُ

واللهُ ليس لهُ شريك ... علاَّمُ ما أخفتِ القلوبُ

وكثيراً ما ينسب إليه تعالى القدرة والبقاء والعلم. فمن قوله:

وليفنينْ هذا وذاك كلاهما ... إلاَّ الإلهَ ووجههُ المعبودا

وذكر أيضاً في شعره النبي داود.

أما ورقة بن نوفل فلا خلاف في نصرانيته فإن عامة الكتبة المسلمين يقرون بذلك كابن قتيبة في المعارف وابن هاشم في سيرة الرسول وقد روينا ما قاله أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني. ومثله ابن الأثير في أسد الغابة (5: 436) قال "إن ورقة كان أمرأ تنصر فيلا الجاهلية يكتب الكتاب العبراني ويكتب من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب". وكان ورقة ابن عم خديجة زوجة رسول الإسلام. وفي شعره ما يثبت صحة دينه.

أما زيد بن عمرو بن نفيل فيقال عنه أنه خلع عبادة الأوثان واجتمع بالأحبار والرهبان وضرب في البلاد يطلب الحنيفية دين ابراهيم. وعندنا أن هذه الحنيفية هي إحدى أشيع النصارى. ولو قابلت بين شعره وشعر ورقة وجدت بينهما شبهاً تاماً في كل معانيها وزهدهما وإيمانهما بالإله الواحد وبالبعث والخلود للأبرار في دار النعيم وللكفار في نار الجحيم.

رابعاً شعراء اليمن من بني كهلان

في القسم الأول من كتابنا خصصنا عدة صفحات لبيان نفوذ النصرانية في اليمن منذ القرون الأولى للنصرانية ولا سيما بعد انفجار سد مآرب بين القبائل المنتقلة إلى شمالي جزيرة العرب وغربيها وجنوبها الشرقي فلا حاجة إلى تكرار ما أثبتناه عن تنصر كندة وقضاعة وغسان والمناذرة، وقد روينا أخبار بعض الشعراء من قبائل يمنية أعني كندة ومذحج وطي.

1 شعراء كندة

أشعر شعراء كندة بل وزعيمهم امرؤ القيس الكندي، روينا أخباره بعد أن قدمنا عليها أخبار أعمامه.

1 أعمام امرئ القيس (شعراء النصرانية ص1 5) 2 امرؤ القيس بن حجر (شعراء النصرانية ص6 67) قد سبق لنا في المشرق مقالة مطولة رددنا فيها على مزاعم الأب انستاس الكرملي الذي أدعى أن امرؤ القيس كان مزدكياً فكتب عن ذلك فصلين أثبتناهما في المشرق (8 [1905] : 886 و949) فأبطلنا زعمه وأثبتنا نصرانية امرؤ القيس بعشرة براهين (8: 998 1006) : 1 تفيدنا لمن زعم أنه كان وثنياً أو مذدكياً (999 1002) .

2 خلو شعره من آثار الشرك وعبادة الأصنام.

3 عدة أبيات من قصائده تصرح بتوحيده وإقراره بالبعث والنشور.

4 إشارات واضحة إلى شؤون النصارى وعاداتهم ورهبانهم وزبورهم سبق ذكرها.

5 انتشار النصرانية في كنذة قبيلة امرؤ القيس كما أعلن ذلك عبد المسيح الكندي في معارضته للهاشمي حيث يذكر شرف كندة ويفتخر بدينها المسيحي.

6 خروج امرؤ القيس إلى قيصر الروم يستنجده على قتلة والده حجر، وما كان امرؤ القيس ليفكر في ذلك لولا رابطة الدين بينه وبين ملك الروم الذي كان في ذلك الوقت يدعى يوستنيان العريق في دينه النصراني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015