1 إن بين الأمثال العربية قسماً كبيراً ورد على صورة أفعل التفضيل ذكره الميداني في آخر كل باب من حروف المعجم، وهذه الأمثال مبنية على ما خصت به المواليد الطبيعية من الصفات اللازمة لها كنور الشمس وحلاوة العسل وشجاعة الأسد فهذه الأمثال التي نقلت عن العرب ليست خاصة بهم وقد سبقهم إلى استعمالها أصحاب الأسفار المنزلة في العهدين القديم والحديث سواء قيل أن العرب استعاروا من تلك الأسفار أو أنهم أوردوها بمجرد نظرهم إلى الطبيعة.

فمنها أمثال مبينة على الطبيعة الجامدة كالفلك وظواهر الجو والمعادن نذكر هنا ما عثرنا عليه من ذلك، يقول العرب: أحسن من الشمس القمر (الميداني 1: 201) وأبهى من القمرين (م1: 101) وأشهر من البدر (م1: 343) واثقب من النجوم وأر فع من السماء (م1: 278) وأبين من فلق الصبح (م1: 103) وأنور من وضح النهار (م1: 262) فهذه الأمثال قد سبق إليها كلها الكتاب الكريم مثال ذلل قول سفر الحكمة (7: 29) عن الحكمة: "إنها أبهى من الشمس وأسمى من كل مركز للنجوم وإذا قيست بالنور تقدمت عليه" وكقول ابن سيراخ (17: 30) "أي شيء اضوأ من الشمس" وكقول سفر الأناشيد (16: 9) : "من هذه المشرفة كالصبح الجميلة كالقمر المختارة كالشمس".

ويقول الرب آكل من النار (م1: 74) وقال أشعيا النبي قبلهم (30: 27) : "هوذا اسم الرب يأتي من بعيد.. وشفتاه مملؤتان سخطاً ولسانه كنار آكلة" وضربوا المثل في سرعة البرق (م1: 315) وقال الرب قبلاً في الإنجيل عن سقوط إبليس من السماء (لوقا: 10: 18) "أني رأيت الشيطان ساقطاً من السماء كالبرق".

ومن أمثالهم في الحسن: "أسن من الدمية" (م1: 200) وكان داؤد قال في مزاميره (143: 12) "وأن بناتنا كأعمدة الزوايا مزينات كدمية هيكل".

وقد ضربوا المثل بصلابة الصخر فقالوا: "أقصى من صخرة ومن حجر" (م1: 62) وإيبس من صخر (م2: 322 وأرسب من حجارة (1:278) ومثله في أشعيا (50: 7) عن ثبات المسيح بإزاء أعدائه: "السيد الرب ينصرني لذلك لم أخجل بل جعلت وجهي كالصوان" وقال: موسى في تثنية الاشتراع (8: 13) لبني إسرائيل عن الرب: "أنه أخرج لك الماء من صخرة الصوان"، وقد أشار السيد المسيح إلى ثبات بيعته لما دعا رسولا بطرس الهامة بالصخرة وأكد له أنه "يبني بيعته على تلك الصخرة فا تقوى عليها أبواب الجحيم" (متى: 16: 18) ويشبهه مثل العرب في ثقل الرصاص فقالوا: أثقل من الرصاص (م1: 138) وأرس من الرصاص (م1: 278) وقد شبه موسى قبلهم غرق المصريين في البحر بالرصاص (خروج 15: 5و10) : "غطتهم الحجارة فهبطوا في الأعماق كالحجارة.. وغرفوا كالرصاص في غمر المياه" وكذلك قولهم: "أيثقل من طود" (م1: 138) وقد شبه الملك داود في الزبور (124: 1) المتكلين على الرب "بجبل صهيون الغير المتزعزع الثابت إلى الأبد".

ومما ضربوا فيه الأمثال من الجمادات مروق السهم ومضاء السيف وحدة الموس وعدل الميزان وسحابة الصيف وحلاوة العسل وشهوة الخمر وحقارة الأرض فقالوا: "أمرق من السهم" (م2: 233) وأمضى من السيف (م2: 236) وأحد من موسى (م1: 212) وأعدل من ميزان وأخلف من سحابة صيف وأحلى من العسل (م1: 201) واشتهى من الخمر (م1: 342) وأحقر من التراب (م1: 202) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015