(سَرجِس) اسم شهيد عظيم استشهد مع القديس بكّس أو باخوس على عهد مكسيميانوس المغتصب في أوائل القرن الرابع. وقد عرف العرب النصارى أمره وكان على اسمه عدة أديرة (راجع معجم البلدان 2: 667 ومعجم ما استعجم للبكري ص374) . لا بل تسمى باسمه بعض نصارى العرب. فقد ذكره الطبري (1: 1812) راوياً كان في بدء الإسلام دعاه موسى بن سرجس. وكذلك ذكر للزبير غلاماً باسم سرجس (1: 3185) وقد روى عبد المسيح بن إسحاق الكندي في رده على الهاشمي (طبعة لندن سنة 1880 ص72) أن الذي تردد على محمد نبي الإسلام كان اسمه سرجيوس. ولقبه بحيرا معناه العالم وهو الذي أشار إليه القرآن في سورة النحل (عدد 105) حيث قال عن المكيين: "ولقد نعلم إنهم يقولون إنّما يعلّمه بشر". ولعل اسم سرجون صورة أخرى من هذا العلم. وقد عرف في دمشق يوم فتح العرب "سرجون بن منصور الرومي" الذي دعاه الطبري (2: 205 و 288) "كاتب معاوية وصاحب أمره". وهو أبو القديس يوحنا الدمشقي الذي عرف بابن سرجون أو سمي بجده ابن منصور وعنده كان ينزل الأخطل (الأغاني 7: 174) . وقد ذكر في الأغاني (14: 94 و 16: 22) كنديم النعمان بن المنذر المسمى "سرجون بن نوفل".

(سمعان) و (شمعون) قلنا سابقاً (راجع الصفحة 233) أنه من المحتمل أن يكون أيضاً هذا الاسم نصرانياً محضاً وذلك أما إشارة إلى القديس سمعان بطرس ويقال شمعون الصفا هامة الرسل أو إلى سمعان العمودي الشهير بين العرب. وممن يضاف إلى من ذكرنا سابقاً "أوس بن سمعان" الصحابي (أسد الغابة 2: 146) وأبو ريحانة شمعون بن يزيد الأزدي (التاج 5: 403 وأسد الغابة 3: 4) وشمعون اسم لأساقفة وحبساء اشتهروا قبل الإسلام في العراق وجهات العرب كشمعون أسقف الأنبار في أيام الملك أنوشروان (تاريخ ماري بن سليمان ed. Gismondi. 53) وشمعون أسقف الحيرة (فيه ص56) وشمعون بن صباعي الشهيد أسقف المدائن (ص16) .

(شمّاس) قد كثر هذا الاسم في الجاهلية وبه عرف بطن من تميم "بنو شمّاس" ومنهم قيس بن شماس ذكره في الحماسة وشماس بن عثمان بن الشريد الذي قتل يوم أحد (الاشتقاق لابن دريد ص64) وغيرهم أيضاً. والبعض يشتقون هذا الاسم من شماس الفرس أي جموحه. ومن المحتمل أن أصل هذا الاسم من السريانية (يوجد سرياني) بمعنى خادم الدين. والله أعلم.

(عبد المسيح) هو أدل الأسماء العربية على نصرانية الذين تسموا به وعددهم بين العرب ليس بقليل وأقدمهم عبد المسيح بن باقية بن جرهم سادس ملوك جرهم على مكة الذي ذكرناه في القسم الأول من كتابنا (ص116) ومنهم عبد المسيح ابن عسلة الذي روينا شعره في شعراء النصرانية (ص254) نقلاً عن المفضليات. ومنهم عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة الغساني كان سيد أهل الحيرة وأحد المعمرين. قال أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين (ص39 ed. Goldziher) أنه "أدرك الإسلام فلم يسلم وكان منزله في الحيرة وكان شريفاً في الجاهلية" وذكر له ياقوت في معجم البلدان (2: 677) ديراً بناه عرف باسمه كان بظاهر الحيرة وفيه وجد قبره وكان عليه مكتوباً:

حلبتُ الدهر أشطرهُ حياتي ... ونلتُ من المنى فوق المزيدِ

فكافحتُ الأمور وكافحتني ... فلم أخضع لمعضلةٍ كؤودِ

وكدتُ أنالُ في الشرفِ الثريّا ... ولكن لا سبيل إلى الخلودِ

ولعبد المسيح هذا شعر روي في كتب الأدب سنجمعه إن شاء الله. وممن دعوا باسم عبد المسيح الشاعر الجاهلي الشهير بالمتلمس واسمه عبد المسيح بن جرير (راجع شعراء النصرانية ص330) ومنهم عبد المسيح بن الديّان من سادة نجران قال الأعشى يمدحه وآله (شعراء النصرانية 382) :

وكعبةُ نجرانَ حتمٌ عليكِ ... حتى تناخيْ بأبوابها

تزور يزيداً وعبد المسيح ... وقيساً وهم خيرُ أربابها

وذكر ياقوت (4: 756) بين سادة نجران عبد المسيح بن دارس بن عدي بن معقل وقال هناك أن كعبة نجران كانت له وهي قبة من أدم وثلثمائة جلد يؤمن فيها الخلق ويرفد المسترفد وتقضى حاجة كل طالب (قال) وكانت على نهر بنجران. ومن وفود نجران على نبي المسلمين أحد أساقفتهم يدعى العاقب قال ابن سعد في كتاب الوفود (ص76) أنه كان من كثدة وأن اسمه عبد المسيح. ومنهم أيضاً "عبد المسيح بن المؤهب" الذي روى له البحتري شعراً في حماسته (اطلب الصفحة 196 من طبعتنا) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015