وإن العاقبة للمتقين .. طال الزمن أم قصر .. فلا يخالج قلوب الداعين إلى رب العالمين قلق على المصير.
ولا يخايل لهم تقلب الذين كفروا في البلاد، فيحسبونهم باقين ..
إنها رؤية «النبي» لحقائق الوجود الكبير .. ولكن إسرائيل هي إسرائيل! «قالُوا: أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا»:إنها كلمات ذات ظل! وإنها لتشي بما وراءها من تبرم! أوذينا قبل مجيئك وما تغير شيء بمجيئك. وطال هذا الأذى حتى ما تبدو له نهاية! ويمضي النبي الكريم على نهجه. يذكرهم بالله، ويعلق رجاءهم به، ويلوح لهم بالأمل في هلاك عدوهم.
واستخلافهم في الأرض. مع التحذير من فتنة الاستخلاف. «قالَ: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ، وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ، فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ».
إنه ينظر بقلب النبي فيرى سنة الله، تجري وفق وعده، للصابرين، وللجاحدين! ويرى من خلال سنة الله هلاك الطاغوت وأهله، واستخلاف الصابرين المستعينين بالله وحده. فيدفع قومه دفعا إلى الطريق لتجري بهم سنة الله إلى ما يريد .. وهو يعلمهم - منذ البدء - أن استخلاف الله لهم إنما هو ابتلاء لهم. ليس أنهم أبناء الله وأحباؤه - كما زعموا - فلا يعذبهم بذنوبهم! وليس جزافا بلا غاية. وليس خلودا بلا توقيت. إنه استخلاف للامتحان: «فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ» .. وهو سبحانه يعلم ماذا سيكون قبل أن يكون. ولكنها سنة الله وعدله ألا يحاسب البشر حتى يقع منهم في العيان، ما هو مكشوف من الغيب لعلمه القديم. (?)
- - - - - - - - - - -