ثالثا- الصبر والثبات حتى النهاية:

قال تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)} [الأعراف:127 - 129]

لقد سَاَلَ جُمْهُورُ السَّادَةِ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ، عَمَّا يَنْوِي فِرْعَوْنُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِمُوسَى وَهَارُونَ وَقَوْمِهِمَا، وَهَلْ سَيَتْرُكُهْم يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ، وَيُضِلُّونَ الرَّعِيَّةَ، وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ، وَإِلى تَرْكِ عِبَادَةِ فِرْعَوْنَ وَآلِهَتِهِ؟ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ فِرْعَوْنُ قَائِلاً: إِنَّهُ سَيَقْتُلُ الذُّكُورَ مِنْ أَبْنَاءِ بَنِي إِسْرِائِيلَ، وَيَسْتَبْقِي النِّسَاءَ عَلَى قَيدِ الحَيَاةِ، وَإِنَّهُ سَيُخْضِعُهُمْ جَمِيعاً لِلْقَهْرِ وَالإِذْلالِ، فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ إِفْسَاداً فِي الأَرْضِ.

وَلَمَّا سَمِعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ هذا التَّهْدِيدَ خَافُوا مِنْ بَطْشِ فِرْعَوْنَ، فَطَمْأَنَهُمْ مُوسَى، وَقَالَ لَهُمْ: اسْتَعِينُوا بِاللهِ عَلَى رَفْعِ ذلِكَ الوَعِيدِ عَنْكُمْ، وَاصْبِرُوا وَلاَ تَحْزَنُوا فَإِنَّ الأَرْضَ هِيَ للهِ، الذِي بِيَدِهِ مَلَكَوْتُ كُلِّ شَيءٍ، يُورِثُهَأ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ. وَالعَاقِبَةُ الحُسْنَى لِمَنْ يَتَّقُونَ اللهَ، وَيُرَاعُونَ سُنَنَهُ فِي أَسْبَابِ إِرْثِ الأَرْضِ: اتحَادَ الكَلِمَةِ، وَالاعْتِصَامَ بِالحَقِّ، وَإِقَامَةَ العَدْلِ، وَالصَّبْرَ عَلَى الشَّدَائِدِ، وَالاسْتِعَانَةَ بِاللهِ عَلَى المَكَارِهِ.

فَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: لَقَدْ آذَوْنَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنَا، وَذَبَحُوا أَبْنَاءَنَا، وَهُمْ يُعِيدُونَ ذلِكَ الآنَ بَعْدَ أَنْ جِئْتَنَا. فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: اصْبِرُوا عَلَى أَذَاهُمْ عَسَى اللهُ أَنْ يُهْلِكَ هؤُلاءِ الأَعْدَاءَ، وَيَجْعَلَكُمْ، وَهَلْ سَتَشْكُرُونَ رَبَّكُمُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلائِهِ عَلَيْكُمْ. أَمْ تَكْفُرُونَ؟ هَلْ سَتُصْلِحُونَ أَمْ تُفْسِدُونَ لِيَجْزِيَكُمْ في الدَّنيا وَالآخِرَةِ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ." (?)

وإذ يخذل فرعون في معركة المنطق والعقل، وإذ تفحمه الآيات التي طلع بها عليه موسى، فإنه يلجأ إلى منطق القوة، ويعمد إلى سلاح البغي والعدوان، فيسلطه على خصمه، ويضرب به في غير مبالاة ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015