إلى نحو الخمسمائة. وأكب الخلق على الحروف ليضبطوها فأهمولها، وليحصروها فأرسلوها إلى غير غاية. وأراد بعضهم أن يردها إلى الأصل فقرأ بكل لغة، وقال: هذه لغة بني فلان، وهذه لغة بني فلان.
قال القاضي أبو بكر رضي الله عنه: وبعد أن ضبط الله الحروف، والسور، لا تبالون (?) بهذه التكليفات فإنها زيادات في التشغيب، وخالية من (?) الأجر، بل ربما دخلت في الوزر. ولقد انتهى التكليف بقوم إلى أن رووا في بعض سور القرآن، التهليل والتكبير. وما ثبت ذلك قط عن عدل، ولا نقل في صحيح. وانتهت الحال ببعضهم إلى أن يرى (?) البسملة عند كل ابتداء، كان في أول السورة أو لم يكن، حين رأى بعضهم قد قال: لا نبسمل (?) إلا في سورة مخصوصة، يتصل أول سورة بآخر أخرى، على التضاد فيفصل بالبسملة، وغفل عن نوع كثير في القرآن من ذلك كان ينبغي أن يبسمل فيه، أو يستعيذ، لئلا يتصل الشيء بنقيضه في المعنى. فلئن قال: إن قوله في آخر (?) "الفجر": {وادخلي جنتي} [الفجر: 35] لا بد أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. وحينئذ {لا أقسم} [البلد: 1] لئلا يتصل قولك: (لا) بقولك: {ادخلي جنتي} يقال له: فكيف يتصل قوله: {وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا إنهم أصحاب النار الذين يحملون العرش ومن حوله} [غافر: 7] وهذا لازم، حتى انتهت الجهالة إلى البدعة بقوم، فكان المقرئ منهم (?) بمكة في عشر الخمسمائة يبسمل في سورة "براءة" ويتلوه ويرويه (?). وهذه بدعة خرقت إجماع الصحابة، والأمة، وهو كلة كذب موضوع، يلزم رواتها الأدب، وقائلها الاستتابة.
قال بعضهم: نقرأ بما اجتمعت فيه ثلاثة (?) شروط: ما صح نقله،