لم يشأ أخبر عنه فآمنا به، وهذا لازم لكم، ساقط عنا، كما بيناه، وكذلك معرفة الثواب والعقاب، معلوم من جهة الخبر، وقد شبب (?) بعض الفلاسفة بأنه مدرك بالعقل، في تخليط تكذب به القدرية (?).
وقد (?) كان أبو حامد الغزالي يميل إلى ذلك ويستطرفه، قلت له: ما معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف: "ورأيت الجنة فتناولت منها عنقودا، فلو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا"؟ كيف يكون صفة دوام أكله ووجوده هل كان كلما أكل منه جزء خلفه آخر، وإذا فنيت حبة أينعت (?) أخرى؟ فقال، وكتب بخط يده (?): ثمار الجنة غير مقطوعة ولا ممنوعة، والمعنى في الحديث (?) أن ثمار الجنة إذا تعلقت بها آمال الناظرين، أو قابلتها أبصارهم، حدثت أمثالها في نفوسهم، حدوث أمثال المرائي (?) في المرآة، وأعيان المرائي لم تتبدل ذواتها، ولا رامت مكانها.
قال القاضي أبو بكر (?) رضي الله عنه:
ولم تتفق لي مراجعته (?)، وهذا مما لا نقول به اعتقادا، ولا نرضاه دينا، فإنه لا يشهد له عقل، ولم يرد به نقل. فإن قيل: فهذا النائم يأكل حتى يشبع، قلت له: يا نائم دعني من النائم، ولا تحمل الحقيقة على المجاز، ولا ترد (?) النوم إلى اليقظة. وسنتكلم على الرؤيا في موضعها، وقد سبق منا أمثالها، ولا سيما في محاسن الإنسان (?).