ونعود إلى القول مع من انتدبنا إليه فنقول: وأما المتالجة منهم، فهم أعظم الطوائف فليقة (?)، وأردأهم طريقة، لا يعقد معهم على قول، ولا يستقر معهم من التحقيق على منزل، ومآل الحاصل من تخليطهم إلى قدم العالم (?)، الذي ينبني على عدم الصانع، ويعتقدون (?) استحالة الفناء الذي بنوه على إنكار الحشر والنشر، والثواب والعقاب، ومنهم من يذكر الصانع والحشر والثواب أسماء لا مسميات لها، كما قال الشاعر:
أجر (?) ووزر (?) على نار مضرمة…أو في نعيم أركب أو على قدم
أسماء منقبة في غير مرتبة…كالشيء يخبر عنه وهو في العدم
وإذا نظرت إلى كلامهم في ذلك كان لك (?) معهم طريقان [و 34 أ]، أحدهما التعلق بما لم يطردوه على أصلهم، ولا وفوا بعهدة (?) المعقول (?) فيه، وهي مناقضة عائدة على أصل من أصولهم الضرورية بالبطلان، وذلك أنهم يقولون: هذه الهيئة لا نفاد لها ولا انقضاء، ولا استحالة، ولا تغير بأفلاكها وصفاتها وحركاتها وأجسامها (?).
فيقال لهم: فإذا كانت حركة القمر في فلكه لا نهاية (?) لها، وحركة زحل لا نهاية لها، فلا يصح أن تنسب إحداهما إلى الأخرى، لأن ما لا يتناهى (?) لا ينسب مما لا يتناهى، فإن نسبوا فقد خرجوا عن المعقول، ولا بد لهم من ذلك، وإن لم ينسبوا، فقد أبطلوا مذهبهم، وتدبيرهم، نسبة شيء إلى شيء منها، أو بها.