الفضل، عظيم المن، حكيماً في جميع أفعاله وأقداره وشرعه (?) ؛ وفي ختم الآية بهذين الوصفين العظيمين تنبيه على تمام غناه سبحانه وكمال حكمته، وتأنيس وتسلية للزوجين المفترقين، فإنه تعالى كان وما زال غنياً كافيا للخلق، متكفلا بأرزاق العباد، هو الغني وحده، ذو الطول والسعة، وله الحكمة البالغة، التي وسعت كل شيء خلقاً وتقديراً وحكماً وتشريعاً.
وجاء في البحر المحيط لأبي حيان: قوله: {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً} ناسب ذلك ذكر السعة، لأنه تقدم ((من سعته)) ، والواسع عام في الغنى والقدرة والعلم وسائر الكمالات، وناسب ذكر وصف الحكمة، وهو وضع الشيء موضع ما يناسب، لأن السعة ما لم تكن معها الحكمة كانت إلى فساد أقرب منها للصلاح، قاله الراغب (?) .
وللشيخ السعدي رحمه الله جملة لطيفة حول الآية، لا بأس بنقلها لنفاستها، يقول رحمه الله: قوله: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا ... } الآية: يعني إذا تعذر الإنفاق والالتئام فلا بأس بالفراق، فقال: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا} أي بفسخ أو طلاق أو خلع أو غير ذلك {يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً} من الزوجين {مِنْ سَعَتِهِ} أي من فضله وإحسانه العام الشامل، فيغني الزوج بزوجة خير له منها، ويغنيها من فضله برزق من غير طريقه، فإنها وإن توهمت أنه إذا فارقها زوجها المنفق عليها، القائم بمؤنتها ينقطع عنها الرزق، فسوف يغنيها الله من فضله، فإن رزقها ليس على الزوج ولا على غيره، بل على المتكفل القائم بأرزاق الخليقة كلها، وخصوصا من تعلق قلبه به ورجاه، رجاء قلبيا، طامعا في فضله كل وقت، فإن الله عند ظن عبده به، ولعل الله يرزقها زوجاً خيراً لها منه وأنفع {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً} أي واسع الرحمة كثير