فإن عجزتم عن حقيقة العدل والمساواة بينهن فيما لا تملكون أمره من المحبة القلبية والميول الطبيعية لا يعفيكم من تكليفكم العدل فيما دون ذلك من المراتب التي تستطيعونها. ولا يسوغ لكم اتخاذ ذلك ذريعة للتفضيل في المعاملات الاختيارية، أو الإهمال والتقصير في الحقوق الزوجية؛ ذلك أن لهذا الحب، وهذا الميول نتائج تظهر في الأقوال والأفعال التي تملكونها، وتختارونها، وتقدرون عليها، فما أظهرتم من تلك الأقوال والأفعال موافقين به ميل القلب إلى إحداهن دون الأخرى، فهو الذي فيه الإثم والمؤاخذة، بخلاف ما أكننتم في قلوبكم من محبة وميل نفسي، وما يتبع ذلك ويجري مجراه، مما لا تملكون جلبه أو دفعه أو اختياره، كزيادة الإقبال والأنس والجماع ونحو ذلك، فهذا مما عذركم الله فيه، وعفا عنه وتجاوز (?) ؛ رحمة منه ولطفاً وعدلا وإحساناً.
قال ابن عطية رحمه الله: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} : وهو أن يفعل فعلاً يقصده من التفضيل، وهو يقدر أن لا يفعله (?) .
قوله: {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}
أي تعرضوا عنها {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} أي لا هي ذات زوج ولا مطلقة، تشبيه بالشيء المعلق من شيء، فلا هو على الأرض استقر، ولا على ما علق عليه انحمل، وهذا مطرد في قولهم في المثل: ((أرض من المركب بالتعليق)) (?) .
وقيل: معناه: كالمحبوسة أو المسجونة (?) ، لا هي مخلصة فتتزوج، ولا هي