والوفاق فيما بينهما حسبما يرتضيانه، وحث على ذلك ورغب فيه، وذلك في معالجة ما قد يحدث بينهما من نشوز أو إعراض، وما يترتب عليه من سوء العشرة والمعاملة. وكان من لوازم ذلك الصلح العدل والتراضي، والتعايش بكرامة واحترام، بعيدا عن حياة الظلم والجور، والذل والإهانة.
ثم هنا يبين تبارك وتعالى أن ذلك العدل الذي أمر به الأزواج تجاه زوجاتهم، والتسوية بينهن، إنما هو في حدود وسعهم واستطاعتهم، وما يكون في مقدورهم واختيارهم، من الأفعال والأقوال، كالتسوية بينهن في القسم والنفقة والكسوة والسكنى، ونحو ذلك من كل ما يملكه الزوج ويكون في مقدوره. أما ما لا يملكه الزوج، ولا يدخل تحت اختياره واستطاعته، من المودة والمحبة وميل القلب، وما يتبع ذلك من لوازم الحب الطبيعية كالجماع وزيادة الإقبال ونحو ذلك، فهذا قد عفا الله عنه، وعذر الأزواج فيه (?) .
قال تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيرها: أي لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه، فإنه وإن حصل القسم الصوري: ليلة ليلة، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع، كما قال ابن عباس، وعبيدة السلماني، ومجاهد، والحسن البصري، والضحاك بن مزاحم (?) .
ثم ذكر ما أخرجه ابن أبي حاتم بسنده عن ابن أبي مليكة قال: نزلت هذه الآية: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} في عائشة، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم