بخيل، فكأن الشح والحرص واحد في المعنى، وإن كان في أصل الوضع الشح للمنع، والحرص للطلب، فأطلق على الحرص الشح، لأن كل واحد منهما سبب لكون الآخر، ولأن البخل يحمل على الحرص، والحرص يحمل على البخل (?) .

والحاصل: أن الشح يطلق على حرص النفس على حقوقها وقلة التسامح فيها، فالمقصود التنبيه والتحذير من التلبس بتلك المشاحة والعوارض الحائلة دون الصلح.

وفي إعراب قوله: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} يقول أبو حيان: التركيب القرآني يقتضي أن الأنفس جعلت حاضرة للشح لا تغيب عنه، لأن الأنفس هو المفعول الذي لم يسم فاعله، وهي التي كانت فاعلة قبل دخول همزة النقل، إذ الأصل: حضرت الأنفس الشح على أنه يجوز عند الجمهور في هذا الباب إقامة المفعول الثاني مقام الفاعل، على تفصيل في ذلك، وإن كان الأجود عندهم إقامة الأول، فيحتمل أن تكون الأنفس هي المفعول الثاني، والشح هو المفعول الأول، وقام الثاني مقام الفاعل، والأولى حمل القرآن على الأفصح المتفق عليه (?) .

ويقول الآلوسي: قولُه: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} جملة اعتراضية، وفائدتها تمهيد العذر في المماكسة والمشاقة ... وحضر متعد لواحد، وأحضر لاثنين، والأول هو (الأنفس) القائم مقام الفاعل، والثاني (الشح) ، والمراد: أحضر الله تعالى الأنفس الشح، وهو البخل مع الحرص، ويجوز أن يكون القائم مقام الفاعل هو الثاني، أي أن الشح جعل حاضراً لها لا يغيب عنها أبداً، أو أنها جعلت حاضرة له مطبوعة عليه ... (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015