قولُه: (فلا جناح عليهما) أي لا إثم ولا حرج (عليهما) حينئذ (أن يصلحا بينهما صلحاً) بأن تسقط المرأة حقها أو بعضه، من نفقة، أو كسوة، أو مبيت، أو غير ذلك من حقوقها على زوجها، أو تهب له مالاً تستميله وتستعطفه بذلك، فلا جناح عليها في بذلها ذلك له، ولا عليه في قبوله منها، على أن يكون ذلك برضاها، وإلا فعلى الزوج أن يوفيها حقها أو يفارقها، فإن المقصد هو التراضي والمعاشرة بالمعروف، أو التسريح بإحسان. فأرشد الله في حال خوف المرأة نشوز زوجها، بترفعه عليها وعدم رغبته فيها، وإعراضه عنها، أرشدها في هذه الحال إلى طريق يستقيم به أمرها مع زوجها، وهو طريق الصلح بينهما، كأن ترضى بالصلح على إسقاط حقها أو بعضه، أو بذل شيء من مالها، على أن تبقى في عصمته، فمتى ما اتفقا على شيء من ذلك تصلح به حالهما، فلا حرج ولا بأس، وهو خير من المقاصاة في الحقوق المؤدية إلى الجفاء أو الفراق (?) .
يقول الإمام ابن عطية رحمه الله: هذه الآية حكم من الله تعالى في أمر المرأة التي تكون ذات سن ودمامة، أو نحو ذلك مما يرغب زوجها عنها، فيذهب الزوج إلى طلاقها، أو إلى إيثار شابة عليها، ونحو هذا مما يقصد به صلاح نفسه ولا يضرها هي ضرراً يلزمه إياها، بل يعرض عليها الفرقة أو الصبر على الأثرة، فتريد هي بقاء العصمة، فهذه التي أباح الله تعالى بينهما الصلح، ورفع الجناح فيه، إذ الجناح في كل صلح يكون عن ضرر من الزوج يفعله حتى تعالجه، وأباح