الشَّيْخَ الْإِمَامَ زَيْنَ الدِّينِ عُمَرَ بْنَ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَهُوَ يُنْكِرُ عَلَى ذَلِكَ الْمُنْكِرِ وَيُشَنِّعُ عَلَيْهِ وَيَذْكُرُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ الَّذِي حَكَاهُ السَّخَاوِيُّ وَأَبُو شَامَةَ وَيَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ الْخَطِيبَ ابْنَ جُمْلَةَ لَقَدْ كَانَ عَالِمًا مُتَيَقِّظًا مُتَحَرِّيًا. ثُمَّ رَأَيْتُ كِتَابَ الْوَسِيطِ تَأْلِيفَ الْإِمَامِ الْكَبِيرِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْفَضْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَدَ الرَّازِيِّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَفِيهِ مَا هُوَ نَصٌّ عَلَى التَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي الْفَصْلِ بَعْدَ هَذَا فِي صِيغَةِ التَّكْبِيرِ. وَالْقَصْدُ أَنَّنِي تَتَبَّعْتُ كَلَامَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا فَلَمْ أَرَ لَهُمْ نَصًّا فِي غَيْرِ مَا ذَكَرْتُ، وَكَذَلِكَ لَمْ أَرَ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَلَا لِلْمَالِكِيَّةِ، وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَالَ الْفَقِيهُ الْكَبِيرُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُفْلِحٍ 55 فِي كِتَابِ الْفُرُوعِ لَهُ: وَهَلْ يُكَبَّرُ لِخَتْمَةٍ مِنَ الضُّحَى، أَوْ أَلَمْ نَشْرَحْ آخِرَ كُلِّ سُورَةٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَلَمْ تَسْتَحِبَّهُ الْحَنَابِلَةُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِ ابْنِ كَثِيرٍ وَقِيلَ وَيُهَلِّلُ. انْتَهَى.
(قُلْتُ) : وَلَمَّا مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيَّ بِالْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ وَدَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِمَّنْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَّا يُكَبِّرُ مِنَ الضُّحَى عِنْدَ الْخَتْمِ فَعَلِمْتُ أَنَّهَا سُنَّةٌ بَاقِيَةٌ فِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
ثُمَّ الْعَجَبُ مِمَّنْ يُنْكِرُ التَّكْبِيرَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَيُجِيزُ مَا يُنْكَرُ فِي صَلَوَاتٍ غَيْرِ ثَابِتَةٍ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ كَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَغَيْرِهِ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الْحُفَّاظِ لَا يُثْبِتُونَ حَدِيثَهَا فَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ، وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ وَالرُّويَانِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ كِتَابِ الْبَحْرِ: يُسْتَحَبُّ صَلَاةُ التَّسْبِيحِ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ، وَذَكَرَهَا أَيْضًا صَاحِبُ الْمُنْيَةِ فِي الْفَتَاوَى مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَالَ صَدْرُ الْقُضَاةِ فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي مَسْأَلَةٍ " وَيُكْرَهُ التَّكْرَارُ وَعَدُّ الْآيِ ": وَمَا رُوِيَ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ مَنْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ الْإِخْلَاصَ كَذَا مَرَّةً وَنَحْوَهُ فَلَمْ يُصَحِّحْهَا الثِّقَاتُ، أَمَّا صَلَاةُ التَّسْبِيحِ، فَقَدْ أَوْرَدَهَا الثِّقَاتُ، وَهِيَ صَلَاةٌ مُبَارَكَةٌ، وَفِيهَا ثَوَابٌ عَظِيمٌ، وَمَنَافِعُ كَثِيرَةٌ، وَرَوَاهَا الْعَبَّاسُ، وَابْنُهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو.
(قُلْتُ) : وَقَدِ