بِأَوْفَى الْبَيَانِ وَالتَّمْيِيزِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُخْلِ عَصْرًا مِنَ الْأَعْصَارِ، وَلَوْ فِي قُطْرٍ مِنَ الْأَقْطَارِ، مِنْ إِمَامٍ حُجَّةٍ قَائِمٍ بِنَقْلِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِتْقَانِ حُرُوفِهِ وَرِوَايَاتِهِ، وَتَصْحِيحِ وُجُوهِهِ وَقِرَاءَاتِهِ، يَكُونُ وَجُودُهُ سَبَبًا لِوُجُودِ هَذَا السَّبَبِ الْقَوِيمِ عَلَى مَمَرِّ الدُّهُورِ، وَبَقَاؤُهُ دَلِيلًا عَلَى بَقَاءِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ فِي الْمَصَاحِفِ وَالصُّدُورِ.

فَصْلٌ

وَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الْهِمَمَ قَدْ قَصُرَتْ، وَمَعَالِمَ هَذَا الْعِلْمِ الشَّرِيفِ قَدْ دُثِرَتْ، وَخَلَتْ مِنْ أَئِمَّتِهِ الْآفَاقُ، وَأَقْوَتْ مِنْ مُوَفَّقٍ يُوقِفُ عَلَى صَحِيحِ الِاخْتِلَافِ وَالِاتِّفَاقِ، وَتُرِكَ لِذَلِكَ أَكْثَرُ الْقِرَاءَاتِ الْمَشْهُورَةِ، وَنُسِيَ غَالِبُ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ الْمَذْكُورَةِ، حَتَّى كَادَ النَّاسُ لَمْ يُثْبِتُوا قُرْآنًا إِلَّا مَا فِي الشَّاطِبِيَّةِ وَالتَّيْسِيرِ وَلَمْ يَعْلَمُوا قِرَاءَاتٍ سِوَى مَا فِيهِمَا مِنَ النَّذْرِ الْيَسِيرِ، وَكَانَ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَى التَّعْرِيفِ بِصَحِيحِ الْقِرَاءَاتِ، وَالتَّوْقِيفِ عَلَى الْمَقْبُولِ مِنْ مَنْقُولِ مَشْهُورِ الرِّوَايَاتِ، فَعَمَدْتُ إِلَى أَثْبَتِ مَا وَصَلَ إِلَيَّ مِنْ قِرَاءَاتِهِمْ، وَأَوْثَقِ مَا صَحَّ لَدَيَّ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ، مِنَ الْأَئِمَّةِ الْعَشْرَةِ قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ، وَالْمُقْتَدَى بِهِمْ فِي سَالِفِ الْأَعْصَارِ، وَاقْتَصَرْتُ عَنْ كُلِّ إِمَامٍ بِرَاوِيَيْنِ، وَعَنْ كُلِّ رَاوٍ بِطَرِيقَيْنِ، وَعَنْ كُلِّ طَرِيقِ بِطْرِيقَيْنِ: مَغْرِبِيَّةٍ وَمَشْرِقِيَّةٍ، مِصْرِيَّةٍ وَعِرَاقِيَّةٍ، مَعَ مَا يَتَّصِلُ إِلَيْهِمْ مِنَ الطُّرُقِ، وَيَتَشَعَّبُ عَنْهُمْ مِنَ الْفِرَقِ:

فَنَافِعٌ مِنْ رِوَايَتَيْ قَالُونَ وَوَرْشٍ عَنْهُ.

وَابْنُ كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَتَيِ الْبَزِّيِّ وَقُنْبُلٍ عَنْ أَصْحَابِهِمَا عَنْهُ.

وَأَبُو عَمْرٍو مِنْ رِوَايَتَيِ الدُّورِيِّ وَالسُّوسِيِّ عَنِ الْيَزِيدِيِّ عَنْهُ.

وَابْنُ عَامِرٍ مِنْ رِوَايَتَيْ هِشَامٍ وَابْنِ ذَكْوَانَ عَنْ أَصْحَابِهِمَا عَنْهُ،.

وَعَاصِمٌ مِنْ رِوَايَتَيْ أَبِي بَكْرٍ شُعْبَةَ وَحَفْصٍ عَنْهُ.

وَحَمْزَةُ مِنْ رِوَايَتَيْ خَلَفٍ وَخَلَّادٍ عَنْ سُلَيْمٍ عَنْهُ.

وَالْكِسَائِيُّ مِنْ رِوَايَتَيْ أَبِي الْحَارِثِ وَالدُّورِيِّ عَنْهُ.

وَأَبُو جَعْفَرٍ مِنْ رِوَايَتَيْ عِيسَى بْنِ وَرْدَانَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ جَمَّازٍ عَنْهُ.

وَيَعْقُوبُ مِنْ رِوَايَتَيْ رُوَيْسٍ وَرَوْحٍ عَنْهُ.

وَخَلَفٌ مِنْ رِوَايَتَيْ إِسْحَاقَ الْوَرَّاقِ وَإِدْرِيسَ الْحَدَّادِ عَنْهُ.

فَأَمَّا قَالُونُ فَمِنْ طَرِيقَيْ أَبِي نَشِيطٍ وَالْحُلْوَانِيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015